تُسَمَّى النَّخْلَةُ فَاكِهَةً لِقَوْلهِ [تَعَالى] (١): {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨)} فَكَانَ يَجِبُ لِمَالِكٍ إِنْ كَانَ اعْتَقَدَ هَذَا المَذْهَبَ أَنْ لا يَذْكُرَ الرُّمَّانَ في هَذَا البَابِ؛ لأنَّه قَدْ خَرَجَ مِنَ الفَاكِهَةِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ كَخُرُوْجِ النَّخْلِ، وإِنْ كَانَ اعْتَقَدَ أَنَّ إِفْرَادَ النَّخلِ والرُّمَّانِ في الآيَةِ لَا يُوْجِبُ خُرُوْجَهُمَا عَنِ الفَاكِهَةِ، وإِنَّمَا القَصدُ بإِفْرَادِهِمَا التَّنْويهُ، فَقَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَيهِ أَنْ لَا يَقُوْلَ: لَيسَ في شَيءٍ مِنَ الفَوَاكِهِ صَدَقَةٌ؛ لأنَّ في النَّخْلِ صَدَقَةً، وهي بَعْضُ الفَوَاكِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ كَلَامُهُ عُمُوْمًا أَرَادَ بِهِ الخُصُوْصَ، ويَنْبَغِي أَنْ تُجْعَلَ "مِنْ" في قَوْلهِ في التَّرْجَمَةِ: "مَا لَا زكَاةَ فيه منَ الفَوَاكِهِ" لِبَيَانِ الجِنْسِ، ولَا تُجْعَل للتَّبْعِيضِ؛ لأنَّ ذلك يُوجِبُ أَنْ يَكُوْنَ في بَعْضِ البَقْلِ والقَضْبِ زكَاة كَمَا في بَعْضِ الفَوَاكِهِ، والصَّحِيحُ أَنَّ الفَاكِهَةَ اسم لِكُلِّ ثَمَرَةٍ يُتَنَعَّمُ بأَكْلهَا مَا خَلَا الحُبُوْبَ المُقْتَاتَةَ والبَقُوْلَ؛ لأنَّها مُشْتَقَّةٌ من فَاكَهْتُ الرَّجُلَ إِذَا مَازَحتُهُ بمُلَحِ الكَلَامِ. ورَجُلٌ فَكِهٌ وفَاكِهٌ: إِذَا كَانَ في نِعْمَةٍ من عَيشِهِ قَال [اللهُ] تَعَالى (٢): {فَاكِهِينَ} أي: نَاعِمِينَ مُعْجَبِينَ.
- "الظَّهْرُ" الإبِلُ الَّتِي تَحْمِلُ الأثْقَال، وَهُوَ اسْمٌ للْجَمْعِ، يُقَالُ ظَهَرَ الحِمْلُ ظَهَارَةً: إِذَا قَويَ عَلَى الحَمْلِ فَهُوَ ظَهِيرٌ، وأَرَادَ بالظَّهْرِ هَهُنَا: الإبِلُ الَّتِي كَانَ حَمَى لَهَا عُمَرُ الحِمَى.
- قَوْلُهُ: "وَهِيَ عَمْيَاءُ" كَلَامٌ فيه حَذْف، كأَنَّه قَال: إِذَا دَفَعَهَا إِلَيهِمْ وَهِيَ عَمْيَاءُ، وَلَوْ قَال: أَوْ هِيَ عَمْيَاءُ فَزَادَ الهَمْزَةَ لَكَانَ أَلْيقَ بالكَلَامِ؛ لأنَّ هَذِهِ الهَمْزَةَ
(١) سورة الرَّحْمَن، الآية: ٦٨.(٢) في الاقتضاب لليُفْرُنِيّ: {فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ} سورة الطُّور، الآية: ١٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute