٧١٩٠ - حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب (١)، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: حدثني كثير بن العبّاس بن عبد المطلب، قال: قال العبّاس بن عبد المطلب: شهدت النبي ﷺ يوم حُنين (٢)، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله ﷺ، فلم نفارقه؛ ورسول الله ﷺ على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي (٣)، فلما التقى المسلمون
⦗٣٧٤⦘ والكفار ولّى المسلمون مدبرين، فطفق (٤) رسول الله ﷺ يركض (٥) بغلته نحو الكفار، قال العبّاس: وأنا آخذ بخطام بغلة رسول الله ﷺ(٦) أكفها إرادة أنْ لا تسرع، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله ﷺ، فقال رسول الله ﷺ:"أي عباس! ناد أصحاب السَّمُرة"(٧)، قال العبّاس: وكنت رجلًا صيِّتًا (٨)، فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السَّمُرة؟ قال: والله! لكأني عطفتهم حين سمعوا صوتي عطف البقر على أولادها، فقالوا: لبيك! يا لبيك، قال: فاقتتلوا هم والكفّار، والدعوة في الأنصار يا معشر الأنصار، ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج، فنظر رسول الله ﷺ؛ وهو على بغلته كالمتطول عليها إلى قتالهم، فقال رسول الله ﷺ:"هذا حينُ حَمِى الوطيس"(٩)، قال: ثمّ أخذ
⦗٣٧٥⦘ رسول الله ﷺ حُصَيِّات فرمى بهن وجوه الكفّار، ثمّ قال:"انهزَمُوا وربّ محمد" فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته على ما أرى، قال: فوالله ما هو إلّا أنْ رماهم رسول الله ﷺ بحصيّاته، فما زلت أرى حدّهم كليلا (١٠) وأمرهم مدبرًا (١١)(١٢).
(١) ابن وهب هو موضع الالتقاء مع مسلم. (٢) وهي: غزوة هوازن؛ كانت في شوال سنة ثمان من الهجرة بعد فتح مكة، وحُنَينٌ وادٍ قريبٌ من الطائف، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاٍ، قال البلادي: "وهو وادٍ من أودية مكة يقع شرقها بقرابة ثلاثين كيلًا ويسمى اليوم وادي الشرائع). انظر: السيرة النبوية لابن هشام (٤/ ٦٠ - ٩٠)، الطبقات لابن سعد (٢/ ١٤٩ - ١٥٧)، معجم ما استعجم (٢/ ٤٧١) معجم المعالم الجغرافية (صـ: ١٠٧). (٣) اختلف في اسم أبيه: فقيل هو فروة بن عامر، وقيل ابن نفاثة، ويقال ابن نباتة، ويقال ابن نعامة -كما سيأتي عند المصنف في الرواية التالية برقم (٧١٩١)، من طريق عبد الرزاق، أسلم في عهد النبي ﷺ وبعث إليه بإسلامه، وأهدى له بغلة بيضاء، وكان عاملًا للروم على فلسطين وما حولها على ما يليه من العرب. الاستيعاب (٣/ ١١٩) المطبوع بهامش الإصابة، والإصابة (٣/ ٢١٣). (٤) أي: أخذ بالفعل وجعل يفعل. النهاية (٣/ ١٢٩). (٥) أي: يحركها ويضربها بالأرجل. انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (٤/ ٢٣٥)، المجموع المغيث للأصفهاني (١/ ٧٩٧). (٦) نهاية (ل ٥/ ٢٢٥/ أ). (٧) هي: الشجرة التي كانت عندها بيعة الرضوان عام الحديبية. النهاية (٢/ ٣٩٩). (٨) أي: شديد الصوت عالية. وانظر المجموع المغيث (٢/ ٢٩٨). النهاية (٣/ ٦٤). (٩) حمى الوطيس: بفتح الواو وكسر الطاء المهملة، وبالسين المهملة، قال الأصفهاني: "هذا من فصيح الكلام، يعبر به عن اشتباك الحرب وقيامها على ساق .... ". والوطيس: قيل: هو التنور، وقيل: المعركة، لأنّ الخيل تطسها بحوافرها، وقيل: حجارة = ⦗٣٧٥⦘ = مدورة فإذا حميت لم يقدر أحد الوطء عليها، وقيل غير ذلك. وهي كلمة قيل: لم تسمع إلّا منه ﷺ. انظر: المجموع المغيث (٣/ ٤٣٠)، لسان العرب (٦/ ٢٥٥ - ٢٥٦) مادة "وطس"، شرح صحيح مسلم للنووي (١٢/ ١١٦). (١٠) أي: بأيسهم وشدتهم. تفسير غريب ما في الصحيحين (صـ: ٣٧٩). (١١) أي: ضعيفا نابيًّا. تفسير غريب ما في الصحيحين (صـ: ٣٧٩). (١٢) أخرجه مسلم، (كتاب الجهاد والسير -باب في غزوة حنين- ح (٧٦)، ٣/ ١٣٩٨ - ١٣٩٩).