المال أن تُنْفِقُوه، وجَبُنْتُم عن العدوِّ أن تقاتلوه = فَأكْثِروا من ذِكْرِ الله ﷿(١).
السابعة والخمسون: أنّ إدامة الذكر تنوب عن التطوعات، وتقوم مقامها، سواء كانت بدنيّة، أو ماليّة، أو بدنية مالية كحج التطوع.
وقد جاء ذلك صريحًا في حديث أبي هريرة: أن فقراء المهاجرين أتَوْا رسولَ الله ﷺ فقالوا: يا رسول الله ذَهَبَ أهْلُ الدُّثُورِ بالدَّرجَاتِ العُلى، والنَّعيم المُقيم، يُصلُّونَ كما نُصلِّي ويَصُومُونَ كما نَصُومُ، ولهُمْ فَضْلُ أمْوال يَحُجُّون بها، ويَعْتَمِرُون، ويجاهِدُون.
فقال:"ألا أعَلِّمُكُم شَيْئًا تُدْرِكُون به مَنْ سبَقَكُم، وتَسْبِقُون به من بَعْدَكُم، ولا أحَد يكُونَ أَفْضلَ مِنْكُم إلا من صنع مِثْلَ ما صنَعْتُم"؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال:"تُسَبِّحُون، وتَحْمَدُون، وتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كلِّ صلاة. . ." الحديث. متفق عليه (٢).
فجعل الذِّكر عِوَضًا لهم عما فاتهم من الحج والعمرة والجهاد، وأخبر أنهم يَسْبِقُونَهُم (٣) بهذا الذِّكر، فلما سمع أهل الدُّثُور بذلك عملوا به، فازدادوا -إلى صدقاتهم وعباداتهم بمالهم- التعبُّدَ بهذا الذِّكر، فحازوا
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنّف" (١٠/ ٣٩٢)، وأحمد في "الزهد" (٣٧٨ - ٣٧٩)، وأبو نعيم في "الحلية" (٣/ ٢٦٧ - ٢٦٨). وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنّف" (١٠/ ٣٩١ - ٣٩٢) -أيضًا- عن عبد الله بن مسعود ﵁ بإسنادٍ حسن. (٢) "صحيح البخاري" (٨٣٤، ٦٣٢٩)، و"صحيح مسلم" (٥٩٥). (٣) (ت) و (م): "يسبقون".