وإنما قال أولًا:{وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ} وثانيًا: {إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} وثالثًا: {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} مع أن المراد بكل من الثلاثة: اليهود والمشركون، للتفتن وتسجيلًا عليهم باسم كل من الثلاثة.
٥٠ - {وَقَالُوا}؛ أي: قال كفار قريش {لَوْلَا} تحضيضية بمعنى هلا؛ أي: هلا {أُنْزِلَ عَلَيْهِ} أي: على محمد {آيَاتٌ} تكوينية {مِنْ} عند {رَبِّهِ} سبحانه؛ أي: آيات كآيات الأنبياء قبله، وذلك كعصا موسى ويده، وناقة صالح، ومائدة عيسى - عليهم السلام -.
وقرأ (١) نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص:{آيَاتٌ} بالجمع، واختار هذه القراءة أبو عبيد، لقوله بعد:{قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ} وقرأ ابن كثير، وأبو بكر، وحمزة والكسائي:{آية من ربه} بالإفراد.
{قُلْ} لهم يا محمد {إِنَّمَا الْآيَاتُ}؛ أي: إنما أمرها وشأنها {عِنْدَ اللهِ} سبحانه؛ أي: في قدرته وحكمه، ينزلها على من يشاء من عباده، ولا قدرة لأحد على إنزالها، فليس بيدي شيء من أمرها فآتيكم بما تقترحونه {وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ}؛ أي: ما أنا إلا مخوف لكم من عذاب الله سبجانه {مُبِينٌ} أي: بين الإنذار والتخويف، أنذركم كما أمرت، وأبين لكم كما ينبغي، ليس قدرتي غير ذلك؛ أي: ليس (٢) من شأني إلا الإنذار والتخويف من عذاب الله، بما أعطيت من الآيات.
قال في "كشف الأسرار": والحكمة في ترك إجابة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الآيات المقترحة: أنه يؤدي إلى ما لا يتناهى؛ وأن هؤلاء طلبوا آيات تضطرهم إلى الإيمان، فلو أجابهم إليها، ولم يؤمنوا .. لاستؤصلوا، وعذاب الاستئصال مرفوع عن هذه الأمة ببركة النبي - صلى الله عليه وسلم -.