اليم، لم نترك منهم أحدًا، وإنما أهلكوا بالغرق ليكون هلاكهم بما تعززوا به، وهو الماء في قوله:{وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي}.
أخرج أحمد والطبراني والبيهقي في "الشعب"، وابن أبي حاتم عن عقبة بن عامر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا رأيت الله يعطي العبد ما شاء، وهو مقيم على معاصيه .. فإنما ذلك استدراج منه له"، وقرأ: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥)}.
٥٦ - {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا}؛ أي: قدوة لمن عمل بعلمهم من الكفار، في استحقاق العذاب ككفار قومك.
وقرأ الجمهور (١): {سَلَفًا} بفتح السين واللام جمع سالف، كخدم وخادم وحرس وحارس، يعني: اسم جمع له؛ لأن فَعَلًا ليس من أبنية المجموع المكسرة، قال ابن عباس وزيد بن أسلم وقتادة؛ أي: جعلناهم متقدمين ليتعظ بهم الآخرون. وقرأ (٢) أبو عبد الله. وأصحابه، وسعيد بن عياض والأعمش وطلحة والأعرج وحمزة والكسائي:{وسلفا} بضم السين وضم اللام جمع سليف، كسرر وسرير، وقال أبو حاتم: هو جمع سلف، كخشب وخشب، وقرأ علي وابن مسعود ومجاهد وأبو وائل والنخعي وحميد بن قيس والأعرج أيضًا {وسلفا} بضم السين وفتح اللام جمع سلفة، كغرفة وغرف، وهي الفرقة المتقدمة والقطيعة من الناس.
{و} جعلناهم أيضًا {مثلًا} وعبرةً وتذكرةً {لِلْآخِرِينَ}؛ أي: لمن يأتي بعدهم من الكافرين؛ أي: جعلناهم حديثًا عجيب الشأن، سائرًا مسير المثل، يحدث به الآخرون من الكفار، يقال لهم: مثلكم مثل قوم فرعون، فاللام متعلق بكل من {سَلَفًا}{وَمَثَلًا} على سبيل التنازع.