توعدونه من مجيء الساعة والبعث كائن لا محالة. فـ {إِنَّمَا}(١) هذه ليست هي الحصرية بل (ما) فيها موصولة، وإن كتبت متصلةً في خط المصحف. والموعود هو مجيء القيامة؛ لأن المذكور عقيب هذه الآية علامات يوم القيامة. وقال الكلبيّ: المراد أن كل ما توعدون به من الخير والشر لواقع نظرًا إلى عموم لفظ الموصول.
٨ - ثم أخبر عن ظهور آثار يوم القيامة وحصول دلائلها لأهل الشقاوة بقوله: {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨)}؛ أي: محيت ومحقت ذواتها، فإن الطمس: محو الأثر الدال على الشيء، وهو الموافق لقوله: {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢)}. أو محى نورها وأذهب ضوْءها، فاستوت مع جرم السماء. والأوّل أولى؛ لأنه لا حاجة فيه إلى الإضمار. والنجوم مرتفعة بفعل يفسره ما بعده أو بالابتداء، و {طُمِسَتْ} خبره، والأوّل أولى، لأنّ {إذا} فيها معنى الشرط والشرط بالفعل أولى، ومحل الجملة على الإعرابين الجرّ بـ {إذا}، وجواب {إذا} محذوف تقديره: فإذا طمست النجوم وقع ما توعدون، أو بعثتم أو جوزيتم على أعمالكم، وحذف لدلالة قوله: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (٧)} عليه. وقرأ عمرو بن ميمون (٢): {طمسّت}{فرّجت} بتشديد الميم والراء، والجمهور بتخفيفهما.
٩ - {وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (٩)}؛ أي: فتحت وشقّت، فكانت أبوابًا بالفرج، هو الشقّ، وكلّ مشقوق فرج، ومثله قوله تعالى: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (١٩)}، والمعنى؛ أي: صدعت من خوف الرحمن، وشقّقت ووقعت فيها الفروج التي نفاها بقوله:{وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} بسبب الإنفطار.
١٠ - {وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (١٠)}؛ أي: قلعت من مكانها بسرعة، يقال: نسفت الشيء وأنسفته إذا أخذته بسرعة. وقال الكلبيّ: سويّت با لأرض، والعرب تقول: نسفت الناقة الكلأ إذا رعته، وقيل: جعلت كالحبّ الذي ينسف بالمنسف، وهو ما ينفض به الحب ويذرى، ومثله قوله: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥)} فالبس والنسف معناهما واحد، وقيل: فرقتها الرياح، وذلك بعد التيسيير، وقيل: كونها هباء.
١١ - {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١)}؛ أي: عين لهم الوقت الذي يحضرون فيه للشهادة على