ولما كان عتاب الأتباع من باب الجزع ذيلوا جوابهم ببيان أن لا جدوى في ذلك، قالوا:{مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ}؛ أي: من منجًا، ومهرب؛ أي: ليس لنا مهرب ولا خلاص مما نحن فيه إن صبرنا أو جزعنا.
٢٢ - ولما ذكر سبحانه وتعالى المناظرة التي ستكون بين الأتباع والرؤساء .. أردفها بالمناظرة التي ستكون بين الشيطان وأتباعه؛ فقال:{وَقَالَ الشَّيْطَانُ} الذي أضل الضعفاء والمستكبرين؛ أي: يقول إبليس رئيس الشياطين خطيبًا في محفل الأشقياء من الثقلين {لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ}؛ أي: حين أحكم وفرغ من أمر الخلائق بالحساب والمجازاة بأن استقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، وقد قالوا له: اشفع لنا، فإنك أضللتنا؛ أي: قال: إبليس مخاطبًا أتباعه من الإنس بعد أن حكم الله بين عباده، فأدخل المؤمنين فراديس الجنات، وأسكن الكافرين سحيق الدركات:{إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {وَعَدَكُمْ} على ألسنة رسله {وَعْدَ الْحَقِّ} والصدق بالبعث وجزاء كل عامل على عمله إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، ووعده حق وخبره صدق، فصدق في وعده إياكم، فوفى لكم بما وعدكم به {وَوَعَدْتُكُمْ} وعد الباطل بأن لا بعث ولا جزاء ولا جنة ولا نار، ولئن كانا فالأصنام شفعاؤكم، ولم يصرح ببطلانه لما دل عليه قوله:{فَأَخْلَفْتُكُمْ} موعدي، فحذف المفعول الثاني؛ أي: نقضته، والإخلاف (٢) حقيقة هو عدم إنجاز من يقدر على إنجاز وعده، وليس الشيطان كذلك، فقوله:{أَخْلَفْتُكُمْ} يكون مجازًا جعل