تقدم، لأنه - صلى الله عليه وسلم - يكون من المشركين بحال من الأحوال لكونه معصومًا، والمعنى: ولا تتركن الدعاء إلى ربك، وتبليغ المشركين رسالتك، فتكون ممن فعل فعل المشركين بمعصيته، ومخالفة أمره.
٨٨ - ثم فسر هذا، وبينه بقوله:{وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}؛ أي: ولا تعتمد على غير الله، ولا تتخذ غيره وكيلًا في أمورك، وهذا تعريض أيضًا لغيره من الأمة.
فإن قلت (١): النبي - صلى الله عليه وسلم - كان معصومًا من أن يدعو مع الله إلهًا آخر فما فائدة هذا النهي؟
قلت: الخطاب معه - صلى الله عليه وسلم - المراد به غيره، وقيل معناه لا تتخذ غيره وكيلًا على أمورك كلها ولا تعتمد غيره، كما مر آنفًا في حلِّنا.
{لَا إِلَهَ}؛ أي: لا نافع ولا ضار ولا معطي ولا مانع {إِلَّا هُوَ} سبحانه وحده {كُلُّ شَيْءٍ} من الإنسان والحيوان والجن والشياطين والملك ونحوها {هَالِكٌ}؛ أي: معدوم فان زائل في حد ذاته، فإن وجوده كلا وجود؛ لأن وجوده ليس ذاتيًا {إِلَّا وَجْهَهُ}؛ أي: ذاته سبحانه وتعالى، فإنه تعالى واجب الوجود وكل ما عداه ممكن في حد ذاته عرضة للهلاك والعدم، والوجه يعبر به عن الذات، وقال أبو العالية وسفيان (٢): كل شيء فان إلا ما أريد به وجهه من الأعمال؛ أي: ما يقصد إليه بالقربة. قال الشاعر: