{وَنَجَّيْنَاهُ}؛ أي: نجينا ذا النون {مِنَ الْغَمِّ} والهم، الذي ناله حين التقمه الحوت؛ أي: نجيناه من غم الالتقام والبحر، بأن قذفه الحوت إلى الساحل بعد أربع ساعات - قال الشعبي (١): التقمه ضحى، ولفظه عشيةً، أو (٢) بعد ثلاثة أيام، أو سبعة أيام، أو أربعين يومًا - وذهب به إلى البحار القاصية، وتخوم الأرض السابعة، وقال بعضهم: كان رأس الحوت فوق الماء، وفمه مفتوحًا {وَكَذَلِكَ}؛ أي: وكما أنجينا يونس من كرب الحبس إذ دعانا {نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} من كربهم إذا استغاثوا بنا، داعين وطالبين رحمتنا. قال الرازي: شرط كل من يلتجيء إلى الله أن يبدأ بالتوحيد، ثم بعده بالتسبيح والثناء، ثم بالاستغفار والاعتراف بالذنب.
وعن جعفر بن محمد قال: عجبت ممن يبتلى بأربع، كيف يغفل عن أربع: عجبت لمن يبتلى بالهم كيف لا يقول: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}؛ لأن الله تعالى يقول: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)}، وعجبت لمن يخاف شيئًا من السوء كيف لا يقول:{حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} لأن الله تعالى يقول: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}. وعجبت لمن يخاف مكر الناس كيف لا يقول:{وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}؛ لأن الله تعالى يقول:{فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا}، وعجبت لمن يرغب في الجنة كيف لا يقول:{مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ}؛ لأن الله تعالى يقول:{فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ}.
وعن خالد بن الوليد - رضي الله عنه - أنه قال: يا رسول الله، إني أروع في منامي، قال: قل: "أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون".
وقرأ الجمهور (٣): {نُنْجِي} مضارع أنجى. والجحدري مشددًا مضارع نجّى. وقرأ ابن عامر وأبو بكر (نجّي) بنون مضمومة وجيم مشددة وياء ساكنة،