ومحمد بن زيد:{ولأوفضوا}؛ أي: أسرعوا كقوله: {إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} وقرأ ابن الزبير: {ولأرفضوا} بالراء من رفض، إذا أسرع في مشيه رفضًا ورفضانًا، والخلال جمع الخلل، وهو الفرجة بين الشيئين، وجملة قوله:{يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} حال (١) من فاعل أوضعوا؛ أي: ولأسرعوا فيما بينكم، حال كونهم باغين؛ أي: طالبين لكم الفتنة؛ أي: يطلبون لكم ما تفتنون به، وذلك أنهم يقولون للمؤمنين: لقد جمعوا لكم كذا وكذا، ولا طاقة لكم بهم، وإنكم ستهزمون منهم، وسيظرون عليكم، ونحو ذلك من الأحاديث الكاذبة التي تورث الجبن والفشل.
والمعنى: يطلبون لكم، ما تفتنون به بإلقاء الرعب في قلوبكم، وبإفساد نياتكم، وقيل معناه: يطلبون لكم العيب والشر، وجملة قوله:{وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} حال إما من مفعول {يَبْغُونَكُمُ} أو من فاعله، وجاز ذلك؛ لأنّ في الجملة ضميريهما، قال مجاهد: يعني وفيكم في خلالكم عيون لهم، يؤدون إليهم أخباركم، وما يسمعون منكم، وهم الجواسيس، فاللام على هذا المعنى للتعليل، وقال قتادة: وفيكم مطيعون لهم، يسمعون كلام المنافقين ويطيعونهم، وذلك؛ لأنهم يلقون إليهم أنواعا من الشبهات الموجبة لضعف القلب، فيقبلونها منهم، فاللام على هذا المعنى لتقوية التعدية، كقوله تعالى:{فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}.
فإن قلت: كيف (٢) يجوز أن يكون في المؤمنين المخلصين من يسمع ويطيع المنافقين؟
قلتُ: يحتمل أن يكون بعض المؤمنين لهم أقارب من كبار المنافقين ورؤساءهم، فإذا قالوا قولًا .. ربما أثر في قلوب ضعفة المؤمنين، في بعض الأحوال. اهـ "خازن".
ومعنى الآية (٣): لو خرج هؤلاء المنافقون المستأذنون في القعود معكم .. ما زادوكم قوةً ومنعةً وإقدامًا كما هو الشأن في القوى المتحدة في العقيدة