وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا هِيَ الزَّبَّاءُ بِالْمَدِّ.
[وَالصَّرَفَانُ فِيهِ] (١) ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قِيلَ: هُوَ الرَّصَاصُ، وَقِيلَ هُوَ الْمَوْتُ لِأَنَّهُ انْصِرَافٌ عَنِ الْحَيَاةِ، وَقِيلَ: هُوَ نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ رَزِينٌ، [ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ] (٢).
وَرَوَى الْكُوفِيُونَ مَشْيُهَا: بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْخَفْضِ، فَمَنْ رَفَعَ أَرَادَ مَا لِلْجِمَالِ [وَئِيدًا] (٣) مَشْيُهَا، فَقَدَّمُ الْفَاعِلَ ضَرُورَةً. وَمَنْ نَصَبَ فَعَلَى الْمَصْدَرِ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، أَرَادَ: تَمْشِي مَشْيَهَا. وَمَنْ خَفَضَ فَعَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْجِمَالِ.
وَالْبَصْرِيُّونَ لَا يُجِيزُونَ تَقْدِيمَ الْفَاعِلِ قَبْلَ الْفِعْلِ فِي اضْطِرَارٍ وَلَا غَيْرِهِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: مَنْ رَوَى مَشْيَهَا بِالرَّفْعِ أَبْدَلَهُ مِنَ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ لِلْجَمَالِ الْمَرْفُوعِ، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ مُبْتَدَأَ وَ "وَئِيدا" مُنْتَصِبٌ بِهِ وَفِي صِلَتِهِ وَالْخَبَرُ مُضْمَرٌ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَئِيدًا حَالًا تَسُدُّ مَسَدَّ الْخَبَرِ (٤)، وَهَذِهِ حَالٌ غَرِيبَةٌ فِي الْأَحْوَالِ السَّادَّةِ مَسَدَّ الْأَخْبَارِ لِأَنَّ النَّحْوِيِّينَ يُقَدِّرُونَ الْحَالَ السَّادَّةَ مَسَدَّ الْخَبَرِ "بِإِذْ"وَ "إِذَا"، وَيُضْمِرُونَ مَعَهَا "كَانَ" التَّامَّةُ لِتَكُونَ عَامِلَةً فِي الْحَالِ. فَإِذَا قُلْتَ ضَرْبِي زَيْدًا قَائِمًا، فَتَقْدِيرُهُ عِنْدَهُمْ: إِذَا كَانَ قَائِمًا، وَإِذْ كَانَ قَائِمًا لأَنَّ الْحَالَ إِنَّمَا يَسُدُّ فِي هَذَا الْمَوْضِع مَسَدَّ الْخَبَرِ لِأَنَّهَا نَابَتْ مَنَابَ ظَرْفِ الزَّمَانِ الْمَحْذُوفِ وَلِذَلِكَ لَمْ تَجُزْ أَنْ تَسُدَّ مَسَدَّ خَبَرٍ الْمُبْتَدَأِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمُبْتَدَأُ مَصْدَرًا، أَوْ فِي تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ، كَمَا أَنَّ ظَرْفَ الزَّمَانِ لَا يَكُونُ خَبَرًا إِلَّا عَنِ الْمَصْدَرِ أَوَ مَا سَدَّ مَسَدَّهُ. وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيرُ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الزَّبَّاءِ.
أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِنْ قُلْتَ: مَا لِلْجِمَالِ مَشْيُهَا إِذَا كَانَ وَئِيدًا، أَوْ إِذَا كَانَ
(١) نفسه.(٢) بياض ٣ كلمات من الاقتضاب: ٢/ ١٧٢.(٣) بياض مقدار ٣ كلمات من الاقتضاب: ٣/ ١٧٢.(٤) معاني القرآن: ٢/ ٤٢٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute