وَقَوْلُ النَّابِغَةِ دُونَ ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الصِّبَا الَّذِي ذَكَرَهُ قَبْلَ هَذَا الْبَيْتِ فِي قَوْلِهِ: (طويل)
عَلَى حِينَ عَاتَبْتُ الْمَشِيبَ عَلَى الصِّبَا (١)
يَقُولُ: كَيْفَ أَصْبُو وَقَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ الصِّبَا الشَّيْبُ الَّذِي يَزَعُنِي عَنِ الْجَهْلِ، وَالْهَمُّ الَّذِي شَغَلَ بَالِي وَحَلَّ مِنِّي مَحَلَّ الشَّغَافِ لِغَضَبِ النُّعْمَانِ عَلَيَّ.
وَيُرْوَى وَالِجٌ وَلُوجَ الشَّغَافِ: أَي دَاخِلٌ دُخُولَهُ، وَيُرْوَى "مَكَانَ الشَّغَافِ"، فَمَنْ رَوَى: وَالِجٌ وُلُوجَ الشَّغَافِ جَعَلَهُ مِثْلَ قَوْلِهِمْ: ضَرَبْتُهُ ضَرْبَ الأَمِيرِ اللِّصِّ أيْ وَالِجٌ وُلُوجًا مِثْلَ وُلُوجِ الشَّغَافِ فَحَذَفَ الْمَوْصُوفَ وَأَقَامَ صِفَتَهُ مَقَامَهُ، وَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ. وَمَنْ رَوَى: شَاغِلٌ وُلُوجَ الشَّغَافِ، جَعَلَهُ مِنَ الْمَصَادِرِ الْمَحْمُولَةِ عَلَى مَعَانِي الْأَفْعَالِ دُونَ أَلْفَاظِهَا لِأَنَّهُ إِذَا شَغَلَ فَقَدْ وَلَجَ فَصَارَتِ الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ: شَاغِلٌ وُلُوجَ كَالْفَائِدَةِ فِي قَوْلِهِ: وَالِجٌ وُلُوجَ، فَصَارَتْ كَقَوْلِهِمْ: تَبَسَّمَتْ وَمِيضَ الْبَرْقِ، وَجَلَسَ زَيْدٌ قُعُودَ عَمْرٍو. وَمَنْ رَوَى شَاغِلٌ مَكَانَ الشَّغَافِ جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَكَانُ ظَرْفًا، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ" (٢).
وقوله: (طويل)
تَبْتَغِيهِ الْأَصَابِعُ (٣)
يَعْنِي أَصَابِعَ الْأَطِبَّاءِ تَلْتَمِسُهُ هَلْ نَزَلَ أَمْ لَمْ يَنْزِلْ، وَإِنَّمَا يَنْزِلُ عِنْدَ الْبُرْءِ، هَذَا قَوْلُ الْأَصْمَعِيِّ.
(١) عجزه: فقلت ألما تصح والشيب وازع، ديوانه: ١٦٣؛ أمالي ابن الشجري: ١/ ٦٨ - ٢/ ٣٨٥؛ الكتاب: ٢/ ٣٣٠؛ المغني: ٦٧٢؛ الحماسة البصرية: ١/ ١٠٣.(٢) الاقتضاب: ٣/ ١٣٥.(٣) تمامه:وَقَدْ حَالَ هَمٌّ دُونَ ذَلِكَ وَإِلجٌ … وُلُوجَ الشَّغَافِ تَبْتَغِيهِ الأَصَابِعُديوانه: ٤٥؛ الأمالي: ١/ ٢٠٥؛ أدب الكتاب: ١٤٢؛ ل (شغف).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute