أَبُوكَ أَبُوكَ أَبْرَدُ غَيْرَ شَكٍّ … أَحَلَّكَ فِي الْمَخَازِي حَيْثُ حَلَّا (١)
وَوَقَعَ فِي "الْحَمَاسَةِ": أَبُوكَ أَبُوكَ أَرْبَدُ، وَهُوَ غَلَطٌ أَيْضًا.
وَرَوَيْنَاهُ عَنْ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ: وَقُولَا عَلَى مُخَاطَبَةِ الْاثْنَيْنِ، وَوَقَعَ فِي غَيْرِ "الْأَدَبِ": وَقُولِي، وَكَذَلِكَ فِي "الْإِصْلَاحِ" (٢)، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنِّي لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الصَّوَابِ فِيهِ.
وَ"مَا" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، وَتُقَدَّرُ تَقْدِيرَ الْمَصْدَرِ أَيْ: أَيَّ أَمْرٍ تَأْمُرِينَ بِهَذَا الْوَامِقِ أَتهْجُرِينَهُ أَمْ تَصِلينَهُ؟.
وَمِنْ شَأْنِ "أَيْ" إِذَا أُضِيفَتْ إِلَى مَصْدَرٍ صَارَتْ مَصْدَرًا كَقَوْلِكَ: أَيَّ ضَرْبٍ تَضْرِبُ عَمْرًا. وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْفِعْلِ الظَّاهِرِ، فَلَا مَوْضِعَ لَهَا لِأَنَّهَا مِنْ صِلَتِهِ. وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ "لَهُ" تَحْتَمِلُ تَأْوِيلَيْنِ: إِنْ جَعَلْتَ الْأَلِيلَ مُرْتَفِعًا بِالْابْتِدَاءِ وَ"لَهُ" فِي مَوْضِعِ خَبَرِهِ فَتَكُونُ اللَّامُ مُتَعَلِّقَةً بِالْخَبَرِ الْمَحْذُوفِ الْمُقَدَّرِ وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ صِفَةٌ لِوَامِقٍ. وَإِنْ جَعَلْتَهُ مُرْتَفَعًا بِالاسْتِقْرَارِ جَعَلْتَ لَهُ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ صِفَةٌ لِوَامِقٍ عَلَى حَدِّ ارْتِفَاعِ الْأَسْمَاءِ بِالصِّفَاتِ لِمَا قَبْلَهَا الرَّافِعَةِ لِمَا بَعْدَهَا نَحْوَ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ قَائِم أَبُوهُ، فَتَقْدِيرُهُ: كَائِنٌ لَهُ بَعْدَ نَوْمَاتِ الْعُيُونِ أَلِيلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْوَجْهِ وَالْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَحْذُوف الَّذِي تَتَعَلَّقُ بِهِ اللَّامُ فِي الْأَوَّلِ خَبَرٌ، وَفِي الثَّانِي صِفَةٌ، وَأَنَّ الْجُمْلَةَ فِي الْأَوَّلِ تُقَدَّرُ تَقْدِيرَ جُمْلَةٍ مُرَكَّبَةٍ وَفِي الثَّانِي تُقَدَّرُ تَقْدِيرَ اسْمٍ مُفْرَدٍ.
وَرَأَى بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ الاسْمَ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَرْتَفَعُ بِالابْتِدَاءِ، وَيَرْتَفِعُ بِالاسْتِقْرَارِ لأَنَّ الْاسْتِقْرَارَ قَدِ اعْتَمَدَ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا يَقْبَحُ رَفْعُ الاسْمِ بِالاسْتِقَرَارِ إِذَا لَمْ يُعْتَمَدْ كَقَوْلِكَ: فِي الدَّارِ زَيْدٌ. وَمَعْنَى الاعْتِمَادِ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَوْصُوفٍ أَوْ حَالًا لِذِي حَالٍ أَوْ خَبَرًا لِذِي خَبَرٍ أَوْ صِلَةً
(١) البيت الجميل بن معمر في: شرح ديوانه الحماسة: ٤١٣ روايته: أحلك في المخازن، شرح الحماسة للتبريزي: ٣/ ٢٨٣ بدون نسبة.(٢) الإصلاح: ٣٠٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute