الثاني: ﴿تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ﴾، الدائرةُ التي يتعامَلُ بها أهلُ السوقِ في يومِهِم وليلتِهِم، فيكثُرُ أخذُهُم فيما بينَهم وإعطاؤُهم، فيكثُرُ بينَهُمُ المالُ في الذِّمَّةِ، ويتعذَّرُ كتابةُ كلِّ ذلك لصعوبتِه وكثْرَتِهِ.
فخَفَّفَ اللهُ في أمرِ الكتابةِ، وحثَّ على الإشهادِ في التجارةِ الحاضِرةِ الدائِرةِ؛ ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾؛ لأنَّ الكتابةَ شاقَّةٌ بمثلِ هذه التجارةِ، وأمَرَ بالإشهادِ لسهولتِهِ؛ حفظًا للحقوقِ، ودفعًا للخصوماتِ؛ فإنَّ أكثَرَ الخصوماتِ هي بسببِ التساهُلِ في البيِّناتِ عند العقودِ.
الضررُ محرَّمٌ مِن الشهودِ والكاتبِ والمُمْلِي، وهم أمَناءُ على الحقوقِ؛ فَلا يجوزُ للكاتِبِ أن يزيدَ وينقُصَ فيما يُمْلَى عليه، ولا للشاهدِ كذلك فيما يَسْمَعُ وَيرَى.