١٣٥ - سألتَ عن حديثِ عبد اللهِ بنِ مَسْعودٍ (١): "أنْذَرْتُكُمْ صِعابَ المَنْطِقِ وبحسبِ المَرْءِ من العِلْمِ أن يَخْشَى اللهَ"(٢)؟ .
• أنذرتكم صعاب المنطق: يريد المسائلَ الدقاقَ الغوامضَ. وهذا مِثْلُ الحديثِ الذي يَرْوِيهِ معاويةُ بن أَبِي سفيانَ (٣)"نَهَى رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الأُغْلوطاتِ"(٤) وإنَّما نَهَى عنها لأَنَّها غيرُ نافِعَةٍ في الدِّين، وَلَا تكونُ إلَّا فيما يَقَعُ أبدًا كمُدَبِّرٍ جَنَى على مُكاتِبٍ، وخَرْساءَ لاعَنَهَا صَحِيْحٌ، وأَعْمَى قُذِفَ بِزِنًا، وأشباهِ ذلك، ثم قالَ: وبِحَسْبِ المَرْءِ من العِلْمِ أن يَخْشَى اللهَ؛ لأَنَّهُ إِذَا خشي اللهَ طَلَبَ من العِلْمِ ما يَنْفَعُهُ، وما يَحْتاجُ إليهِ مثلِ عِلْمِ الصَّلاةِ والزَّكاةِ والصَّيامِ والْحَجِّ
(١) سبقت ترجمته ص ٣١١. (٢) النهاية ٣/ ٣٧٨، والتاج (غلط). وانظر الحاشية (٤) الآتية. (٣) معاوية بن أَبِي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشي الأموي: مؤسس الدولة الأموية في الشام، وأحد دهاة العرب المتميزين الكبار، كان فصيحًا حليمًا وقورًا. ولد بمكة، ومات في دمشق سنة ٦٠ هـ. (٤) رواه الإِمام أحمد في المسند ٥/ ٤٣٥، وأبو داود في كتاب العلم ٣/ ٣٢١، وانظر أيضًا عيون الأخبار ٢/ ١١٧، والفائق ٣/ ٧٣، وغريب الحديث لابن الجوزي ٢/ ١٦٠، والنهاية ٣/ ٣٧٨، واللسان والتاج (غلط). وفي اللسان (غلط): "الأُغلوطة: ما يُغالَطُ به من المسائل كالأحدوثة والأعجوبة والجمع الأغاليط. وفي الحديث: أَنَّهُ، - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، نهى عن الأغلوطات وأراد المسائل التي يغالَطُ بها العلماء ليزلوا فيهيج بذلك شر وفتنة وإنَّما نهى عنها لأنَّها غير نافعة في الدين وَلَا تكاد =