٧٧ - مسألة: ذكرتَ أنَّكَ وَجَدْتَ في كتابي المُؤَلَّفِ في القراءاتِ (١) حِكَايةً عن حَمْزَةَ (٢) أنَّهُ قَرَأَ: "ولا يحسبنّ الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون"(٣) بالياء في يَحْسَبَنَّ، وأن ذلك لا يجوز لأِنَّهُ لا يقعُ يَحْسَبَنَّ على سبقوا، ولو أُريدَ ما ذهبَ إِليهِ كان: ولا يحسبنّ الذين كفروا أنهم سبقوا إلّا أنَّهم لا يعجزون. وكذلك التي في سورةِ النُّورِ: {لَا يَحْسَبَنَّ (٤) الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ} (٥) كان يقرؤها بالياء في يَحْسبنّ، ولا يجوز ذلك لأنّهُ لا يقعُ يَحْسَبَن وهو للكافرينَ على معجزينَ، ولو أراد الوَجْهَ الذي ذَهَبَ إليه لكان: ولا يحسبن الذين كفروا أنهم معجزون في الأرض، فيقع يحسبن على أنّهم.
قُلْتَ: وهذا على ما ذكرتَ إذا جَعَلْنا الحسبانَ للكافرينَ، ولكنّا إِنْ جَعَلْناه للنبي - صلى الله عليه وسلم - جاز، كأنَّهُ قال: لا يَحْسَبَنَّ محمدٌ الذين كفروا سبقوا،
(١) هو كتاب القراءات كما أشار إليه في تأويل مشكل القرآن ص ٤٥. (٢) في البحر المحيط ٤/ ٥١٠ "وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص: "ولا يحسبن بالياء، أي ولا يحسبن الرسول أو حاسب، أو المؤمن ... وباقي السبعة بالتاء" خطابًا للرسول أو للسامع ... " ويرى الزمخشري أن قراءة حمزة هذه ليست بنيرة، راجع الكشاف ٢/ ١٣٢، وتأويل مشكل القرآن ص ٤٥، والقرطبي ٨/ ٣٣ - ٣٤. (٣) سورة الأنفال الآية ٥٩، وانظر السبعة لابن مجاهد ص ٣٠٧، وحجة القراءات ص ٣١٢. (٤) في الأصل: (ولا تحسبن ... ) وهو وهم من الناسخ. (٥) سورة النور الآية ٥٧.