عند تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (٤٩)} [يوسف: ٤٩]: «{وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} يعني: الأَعنابَ والزيتَ. وقال أبو عبيدة:(١){يَعْصِرُونَ}: يَنْجُون، والعُصْرَةُ النَّجاةُ. قال الشاعرُ (٢):
وَلَقَدْ كانَ عُصْرَةَ المَنْجُودِ (٣)
أي: غِياثًا ومَنْجاةً للمَكْروب». (٤)
ومن ذلك قول ابن قتيبة: «وقال أبو عبيدة (٥): رسولٌ، بِمعنى: رسالة، وأنشد:
لقد كَذَبَ الواشونَ ما بُحتُ عندَهمْ ... بِسِرٍّ، ولا أَرسلتُهُمْ بِرَسُولِ (٦)
أي: برسالة». (٧) وقد تعقب ابن قتيبة أبا عبيدة في تفسيره لبعض المفردات أو الأساليب القرآنية. ومن ذلك أنَّ أبا عبيدة عند تفسير قوله تعالى:{جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ}[إبراهيم: ٩](٨) قال في تفسير قوله: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ}: مَجازهُ مَجازُ المَثَلِ، وموضعه موضع: كفوا عما أمروا بقوله من الحق، ولم يؤمنوا به ولم يسلموا، ويقال: رَدَّ يدَهُ في فَمِهِ، أي: أمسك إذا لم يُجِب». (٩) فقال ابن قتيبة متعقبًا له: «ولا أعلم أحدًا قال: رَدَّ يَدَهُ في فِيهِ إذا أَمسكَ عن الشيءِ. والمعنى: ردوا أيديهم في أفواههم، أي: عضوا عليها حنقًا وغيظًا. كما قال الشاعر:(١٠)
(١) انظر: مجاز القرآن ١/ ٣١٣. (٢) هو أبو زبيد الطائي. (٣) عجز بيت، وصدره: صاديًا يَستغيثُ غَيْرَ مُغاثٍ ............................ انظر: ديوانه، تفسير القرطبي ٩/ ٢٠٥. (٤) غريب القرآن ٢١٨. (٥) انظر: مجاز القرآن ٢/ ٨٤. (٦) انظر: ديوان كثير عزة ١٥٢. (٧) غريب القرآن ٣١٦، وانظر: ٣٤٠، ٣٤٦. (٨) إبراهيم ٩. (٩) مجاز القرآن ١/ ٣٣٦. (١٠) لم أعثر عليه.