تستعصي على فهم بعض العلماء الكبار كعيسى بن عمر. (١)
ثانيًا: غرابة التركيب.
ربما تكون غرابة معنى الشاهد، لتركيبه لا لألفاظه، فيحتاج المفسر إلى شرح الشاهد الشعري، وبيان معنى تركيبه ونظمه. ومن ذلك أن الطبري بعد إيراده قول امرئ القيس:
ولو أَنَّ مَا أَسعى لأَدْنى مَعيشةٍ ... كَفَاني - ولم أَطْلُبْ - قَليلٌ مِن المالِ (٢)
شرح تركيبه فقال:«يريد: كفاني قليلٌ من المالِ، ولم أطلب الكثير». (٣) لأنه قد يفهم البيت على غير هذا الفهم، وهو أن يقف على قوله:«كفاني»، ثم يستأنف «ولم أطلب قليلًا من المال»، بنصب قليلًا. غير أن الطبري قد شرح تركيب هذا البيت، وبَيَّنَ أنَّ قوله:«ولم أطلب» اعتراضٌ في الكلام.
ومن أمثلة ذلك قول النابغة الذبياني:
وقَدْ خِفْتُ حتى مَا تَزيدُ مَخَافَتِي ... عَلى وَعِلٍ في ذِي المَطَارةِ عَاقِلِ (٤)
فهو غريب التركيب، وقد شرح الطبري معناه فقال:«والمعنى: حتى ما تزيد مخافة الوَعِل على مخافتي». (٥) وقد استشهد به على أن العرب قد تضع الحرفَ في غير موضعه إذا كان معروفًا، ولذلك نظائر. (٦)
(١) انظر: المذكر والمؤنث لمحمد بن القاسم الأنباري ١/ ٢١٤. (٢) انظر: ديوانه ٣٩. (٣) تفسير الطبري (شاكر) ١/ ١٦٤. (٤) إنما خصَ الوعل لأنه أشد خوفًا من غيره، والعاقل: الذي عُقِل في الجبل، وذو المطارة: اسم جبل انظر: ديوانه ١٤٤ (٥) تفسير الطبري (شاكر) ٣/ ٣١١، ٢٤/ ٤٧٩. (٦) تفسير الطبري (شاكر) ٣/ ٣١١، المحرر الوجيز ٢/ ٦٧.