للسنة من ابن قتيبة، ولا أفقه في ذلك، وإن كان ابن الأنباري من أحفظ الناس للغة، لكن باب فقه النصوص غير باب حفظ ألفاظ اللغة». (١)
ولعل هذا يُفسِّرُ قلة احتفال العلماء بكتب التفسير التي ذكر أنها اشتملت على عدد كبير من شواهد الشعر، خرجت به عن المقصود كما ذكر الذهبيُّ عن تفسير عبد الوهاب بن مُحمدٍ الشيرازيّ (ت ٥٠٠ هـ)، الذي ضَمَّنَهُ مائةَ ألف بيتٍ من الشواهد الشعرية (٢)، وذكر السهيليُّ أنه رآه، وسَمِعَ ما فيه من الشواهد الشعرية المؤكِّدةِ لفصاحته. (٣) حيث إن في كثرة إيراد الشواهد الشعرية على الألفاظ ما يدعو للملل، ويزهد في القراءة، ولذلك كان المنهج الذي سار عليه الطبري وأمثاله من المفسرين، وأصحاب المعاني والغريب، من الاكتفاء بما يؤدي الغرض في الاستشهاد هو المنهج الأمثل في الاستشهاد في تفسير القرآن الكريم. وقد كتب لهذه المصنفات القبول، وحفظت للناس، وتناقلها العلماء جيلًا بعد جيل.
وأَمَّا أبو عبيدة فقد كان أكثر أصحاب المعاني والغريب اعتمادًا على الشعر في شرحه لغريب القرآن، ومن ذلك أنه عند قوله تعالى: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩)} [الواقعة: ٢٩](٤) قال: «زعم المفسرون أَنَّه الموزُ، وأمَّا العربُ، الطَّلْحُ عندهم شجرٌ عظيمٌ، كثيرُ الشوكِ، وقال الحادي: