٢ - ومن الأمثلة عند الفراء قوله: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (٣٦) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ} [غافر: ٣٦، ٣٧](٢) بالرفع، يرده على قوله:{أَبْلُغُ}. ومَنْ جَعَله جوابًا لـ «لعلَّ» نَصبَه، وقد قرأ به بعض القراء. (٣) قال: وأنشدني بعضُ العَربِ:
عَلَّ صُروفَ الدَّهرِ أو دَولاتِها ... يُدِلْلَنا اللمَّةُ مِنْ لَمَّاتِها
فتستريحَ النَّفسُ مِنْ زَفْراتِها (٤)
فنصبَ على الجوابِ بِـ «لَعلَّ». (٥)
فقد استشهد الفراء بالشعر على أنَّ مَنْ قرأ:{فَأَطَّلِعَ} بالنَّصبِ فهو جوابٌ للترجي بـ «لعل». وهذا وجه من ثلاثة أوجه في إعرابها، وهي:
الأول: أن ينتصب على جواب الترجي في «لعل» وهو مذهب كوفي ذكره الفراء، واستشهد أصحابه بهذه القراءة وبقراءة عاصم: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (٤)} [عبس: ٣، ٤](٦) بنصب: {فَتَنْفَعَهُ} جوابًا لقوله: {لَعَلَّهُ}. كما استشهد بالشاهد الشعري السابق.
الثاني: أنه جواب الأمر في قوله: {ابْنِ لِي}[غافر: ٣٦]، فنصب بأن مضمرة بعد الفاء في جوابه على قاعدة البصريين.
الثالث: أنه منصوبٌ، عطفًا على التوهم، قال أبو حيان:«لأن خَبَرَ «لعل» جاء كثيرًا مقرونًا بأَنْ، كثيرًا في النظم، وقليلًا في النثر. فمَن نَصَبَ توهَّمَ أَنَّ الفعل المرفوع الواقع خَبَرًا منصوبٌ بأَنْ، والعطفُ على
(١) انظر: الدر المصون ١/ ٢٨٦. (٢) غافر ٣٦ - ٣٧. (٣) القراءة برفع (فأطلعُ) هي قراءة نافع وحمزة وابن كثير والكسائي وأبي جعفر وشعبة عن عاصم. وقرأ حفص عن عاصم بالنصب (فأطلعَ). انظر: السبعة ٥٧٠، النشر ٢/ ٣٦٥. (٤) لم أعرف قائله، ومعظم من رواه نقلًا عن الفراء. انظر: التمام في تفسير أشعار هذيل لابن جني ٢٥٣، الجليس الصالح للمعافى بن زكريا ٣/ ١٢٠. (٥) معاني القرآن ٣/ ٩. (٦) عبس ٣ - ٤.