وقد حاول الأزهري توجيه هذا التفسير، فقال:«وأما قول الله جل وعز: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ}[يوسف: ٣١] فأكثر المفسرين يقولون: أعظمنه. وروى عن مجاهد أنه قال: أكبرنه: حضن، وليس ذلك بالمعروف في اللغة ... قلتُ: وإن صحت هذه اللفظةُ بِمعنى الحيض فلها مَخرجٌ حَسَنٌ، وذلك أن المرأة إذا حاضت أولَ ما تحيضُ فقد خرجت من حدِّ الصِّغر إلى حد الكبر. فقيل لها: أَكبَرتْ أي حاضت فدخلت في حدِّ الكبر الموجب عليها الأمر والنهي ... إلا أن هاء الكناية في قول الله:{فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} ينفي هذا المعنى، فالصحيحُ أَنَّهُنَّ لَمَّا رأينَ يوسفَ راعهنَّ جَمالُه فأَعظمنَهُ»(٢).
وقال فيه في معرض تضعيفه لقراءة من قرأ قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ}[الأنعام: ١٣٧](٥) بضم الزاي من (زُيِّنَ)، ورفع (قَتْلُ)، ونصب (أولادَهُم) وخفض (شُركاءِهِم)، وهي قراءة ابن عامر من السبعة (٦)، قال: «ففرقوا بين الخافض والمخفوض بما عمل فيه الاسم، وذلك في كلام العرب غيرُ
(١) لسان العرب ١٢/ ١٣ (كبر). (٢) تهذيب اللغة ١٠/ ٢١١ - ٢١٢. (٣) نُسِبَ لأحدِ المولَّدين من شعراء المدينة. انظر: خزانة الأدب ٤/ ٤١٥. (٤) زَجَّهُ: طَعَنَهُ، والمِزَجَّةُ: الرمحُ القَصيرُ، القَلوصُ: النَّاقةُ الفَتيَّةُ. انظر: معاني القرآن للفراء ١/ ٣٥٨، ٢/ ٨١، معاني القرآن للزجاج ٣/ ١٦٩، الخصائص ٢/ ٤٠٦، شرح التسهيل لابن مالك ٣/ ٢٧٨، الإنصاف ٣٤٧، الإفصاح للفارقي ١١٦، شرح جمل الزجاجي لابن عصفور ٢/ ٦٠٥، الكشاف ٢/ ٧٠، البحر المحيط ٤/ ٢٢٩، ارتشاف الضرب ٥/ ٢٤٢٩، خزانة الأدب ٤/ ٤١٥. (٥) الأنعام ١٣٧. (٦) انظر: النشر ٢/ ٢٣٦ - ٢٦٤ وفيه بيان مفصل وانتصر فيه لابن عامر، وتقدمت هذه المسألة ص ١١٨.