فموضع الشاهد في الآيتين، وشاهدي الشعر ورد بصيغة واحدة هي صيغة اسم الفاعل «واصب»، ولم يلتزم الطبري تقديم الشاهد من القرآن، وإنما قدم شاهدًا من الشعر، ثم أتبعه بشاهد من القرآن، ثم أتبعه بشاهد من الشعر، فمزج الشواهد دون ترتيب. ومن الملاحظ أيضًا هنا أنه قدم بيت الدؤلي على بيت حسان بن ثابت رضي الله عنه، مع تقدم حسان عليه، وهذا أمر لم يلق عناية من المفسرين في ترتيب الشواهد بحسب زمن الشعراء، وإنما يهمهم أن تكون الشواهد حجة ثم لا يضير بعد ذلك أن يتقدم بيت الشاعر المتأخر. وقد رأيت البغدادي في خزانته عاب على الرضي تقديمه لبيت من الشعر لأشجع السلمي على بيت موسى بن جابر الحنفي وهو متقدم فقال:«وأشجع ليس ممن يستشهد بكلامه، فكان ينبغي تأخيره عن البيت الذي بعده». (٥)
- ومن الأمثلة على هذه الصورة قول ابن عطية عند تفسيره لقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}[البقرة: ١٨٣](٦): «والصيام في اللغة الإمساكُ، وتركُ التنقلِ مِنْ حَالٍ إلى حال، ومنه قول النابغة: