ورجلان تحابَّا في اللَّه؛ اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف اللَّه، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر اللَّه خاليًا ففاضت عيناه" (١).
وروينا في صحيح مسلم عنه مرفوعًا: "أن اللَّه تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؛ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي" (٢).
وروينا عنه مرفوعًا: "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" (٣).
وروينا عنه مرفوعًا: "أن رجلًا زار أخًا له في قرية أخرى، فأرصد اللَّه له على مدرجته ملكًا" وذكر الحديث إلى قوله: "إن اللَّه قد أحبك كما أحببته فيه" (٤) وقد سلف.
وروينا في الصحيحين من حديث البراء مرفوعًا في الأنصار: "لا يحبهم إلا
= على حب اللَّه، أي كان سبب اجتماعهما حب اللَّه، واستَمَرَّا على ذلك حتى تفرقا من مجلسهما وهما صادقان في حب كل واحد منهما صاحبه للَّه -تعالى- حال اجتماعهما وافتراقهما. "النووي في شرح مسلم [٧/ ١٠٨] طبعة دار الكتب العلمية". (١) أخرجه البخاري في صحيحه [٦٦٠] كتاب الأذان، [٣٦] باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، وفضل المساجد، ورقم [١٤٢٣] في الزكاة، [١٨] باب الصدقة باليمين، ورقم [٦٨٠٦] كتاب المحاربين، [٥] باب فضل من ترك الفواحش، ومسلم في صحيحه [٩١ - (١٠٣١)] كتاب الزكاة، [٣٠] باب فضل إخفاء الصدقة، والترمذي [٢٣٩١]، في الزهد، باب ما جاء في الحب في اللَّه، والنسائي [٨/ ٢٢٢ - المجتبى]، وأحمد في مسنده [٢/ ٤٣٩]. (٢) أخرجه مسلم في صحيحه [٣٧ - (٢٥٦٦)] كتاب البر والصلة والآداب، [١٢] باب في فضل الحب في اللَّه، قال النووي: قوله تعالى: "المتحابون بجلالي" أي بعظمتي وطاعتي لا للدنيا، وقوله تعالى: "يوم لا ظل إلا ظلي" أي أنه لا يكون من له ظل مجازًا كما في الدنيا، وجاء في غير مسلم: "ظل عرشي" قال القاضي: ظاهره أنه في ظله من الحر والشمس ووهج الموقف وأنفاس الخلق، قال: وهذا قول الأكثرين، وقال عيسى بن دينار: معناه كفاه من المكاره وأكرمه وجعله في كنفه وستره، ومنه قولهم السلطان ظل اللَّه في الأرض، وقيل يحتمل أن الظل هنا عبارة عن الراحة والنعيم. "النووي في شرح مسلم [١٦/ ١٠١] طبعة دار الكتب العلمية". (٣) أخرجه مسلم في صحيحه [٩٣ - (٥٤)]، ورقم [٩٤ - (٥٤)] كتاب الإيمان، [٢٢] باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، وأن محبة المؤمنين من الإيمان، وأن إفشاء السلام سبب لحصولها، والترمذي [٢٦٨٨] وابن ماجه [٦٨، ٣٦٩٢]، وأحمد في مسنده [١/ ١٦٧، ٢/ ٤٧٧]، والبيهقي في السنن الكبرى [١٠/ ٢٣٢]، وابن أبي شيبة في مصنفه [٨/ ٤٣٧]، والهيثمي في مجمع الزوائد [١/ ٩٦، ٨/ ٣٠]. (٤) أخرجه مسلم في صحيحه [٣٨ - (٢٥٦٧)] كتاب البر والصلة والآداب، [١٢] باب فضل الحب في اللَّه.