وَنَقُولُ -مِنْ بَابِ الإِفْحَامِ- لِمَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِكَونِ النَّبِيِّ ﷺ الآنَ مَيِّتٌ: كَمْ عُمُرُهُ الآنَ ﵊؟ وَفِي الجَوَابِ مَقْنَعٌ لِمُرِيدِ الهِدَايَةِ، وَالحَمْدُ للهِ.
٢ - إِنَّ المَقْصُودَ مِنْ حَيَاةِ الشُّهَدَاءِ هُوَ تَنَعُّمُهُم فِي البَرْزَخ وَلَيسَ أَنَّهُم مَا زَالَوا أَحْيَاءَ فِي الدُّنْيَا! وَإِلَّا فَكَيفَ يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم أَنَّهُم قُتِلُوا أَصْلًا؟! كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُم: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ [آلِ عِمْرَان: ١٦٩].
قَالَ البَغَوِيُّ ﵀ فِي التَّفْسِيرِ (١): " ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ﴾ نَزَلَتْ فِي قَتْلَى بَدْرٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَكَانُوا أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، سِتَّةٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَثَمَانِيَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ؛ كَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ: مَاتَ فُلَانٌ، وَذَهَبَ عَنْهُ نَعِيمُ الدُّنْيَا وَلَذَّتُهَا! فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ كَمَا قَالَ فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ [آلِ عِمْرَان: ١٦٩]، قَالَ الحَسَنُ: إِنَّ الشُّهَدَاءَ أَحْيَاءٌ
=بَيضَاءَ، فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيًّا عَنْكِ إِلَى رَوحِ اللَّهِ وَرَيحَانٍ، وَرَبٍّ غَيرِ غَضْبَانَ، فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رِيحِ المِسْكِ، حَتَّى أَنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُونَ: مَا أَطْيَبَ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتِي جَاءَتْكُمْ مِنَ الأَرْضِ! فَيَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ المُؤْمِنِينَ. فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحًا بِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِغَائِبِهِ يَقْدَمُ عَلَيهِ، فَيَسْأَلُونَهُ: مَاذَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ مَاذَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُونَ: دَعُوهُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمِّ الدُّنْيَا، فَإِذَا قَالَ: أَمَا أَتَاكُمْ؟ قَالُوا: ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الهَاوِيَةِ. وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا احْتُضِرَ؛ أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ العَذَابِ بِمِسْحٍ، فَيَقُولُونَ: اخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطًا عَلَيكِ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ ﷿، فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ، حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ بَابَ الأَرْضِ، فَيَقُولُونَ: مَا أَنْتَنَ هَذِهِ الرِّيحَ! حَتَّى يَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الكُفَّارِ)). صَحِيحٌ. النَّسَائِيُّ (١٨٣٣). الصَّحِيحَةُ (١٣٠٩).(١) تَفْسِيرُ البَغَوِيِّ (١/ ١٦٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute