فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا، فَأَتَى الرَّجُلَ فِي المَنَامِ؛ فَقِيلَ لَهُ: ائْتِ عُمَرَ فَأَقْرِئْهُ السَّلامَ، وَأَخْبِرْهُ أَنَّكُمْ مُسْتَقِيونَ، وَقُلْ لَهُ: عَلَيكَ الكَيسُ، عَلَيك الكَيسُ، فَأَتَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ فَبَكَى عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: (يَا رَبِّ لَا آلُو إلاَّ مَا عَجَزْتُ عَنْهُ) (١).
الجَوَابُ:
١ - إِنَّ إِثْبَاتَ الحَيَاةِ لِلأَنْبِيَاءِ وَالشُّهَدَاءِ وَلِلنَّبِيِّ ﷺ لَيسَ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ الَّتِي يُوهِمُهَا أَهْلُ البِدَعِ! فَكَونُ النَّبِيِّ ﷺ حَيٌّ فِي قَبْرِهِ -كَمَا أَنَّ الشُّهَدَاءَ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِم- لَا يَعْنِي ذَلِكَ أَنَّ لَهُم اتِّصَالًا بِالدُّنْيَا! كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [البَقَرَة: ١٥٤]، وَكَمَا قَالَ أَيضًا: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [آلِ عِمْرَان: ١٦٩]، فَصِفَةُ الحَيَاةِ لَهُم هِيَ فِي البَرْزَخِ وَلَيسَتْ فِي الدُّنْيَا.
وَتَأَمَّلْ قَولَهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزُّمَر: ٣٠]، وَأَيضًا حَدِيثَ: ((وَلَيُذَادَنَّ بِأَقْوَامٍ مِنْ أُمَّتِي عَنِ الحَوضِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي! فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (٢).
وَفِي حَدِيثِ قَبْضِ الرُّوحِ أَنَّ أَرْوَاحَ المُؤْمِنِينَ تَسْأَلُ الرُّوحَ المَقْبُوضَةَ حَدِيثًا عَنْ أَهْلِ الدُّنْيَا وَأَحْوَالِهِم مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُم مَعْزُولُونَ عَنْهُم تَمَامًا إِلَّا مِنْ جِهَةِ مَا يُخْبَرُونَ بِهِ عَنْهُم (٣).
(١) ضَعِيفٌ. مُصَنَّفُ ابْنِ أَبِي شَيبَةَ (٣٢٠٠٢). اُنْظُرْ كِتَابَ (التَّوَسُّلُ) لِلشَّيخِ الأَلْبَانِيِّ ﵀ (ص ١١٨).وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي الفَتْحِ (٢/ ٤٩٥): "وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ مَالِكِ الدَّارِ … ".قُلْتُ: وَلَكِنَّ (مَالِكَ الدَّارِ) هَذَا مَجْهُولُ الحَالِ، وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ.(٢) البُخَارِيُّ (٦٥٧٦)، وَمُسْلِمٌ (٢٢٩٧) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا.(٣) وَالحَدِيثُ بِتَمَامِهِ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ((إِذَا حُضِرَ المُؤْمِنُ؛ أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِحَرِيرَةٍ=
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute