وقوله: ("وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ") تأكيد للأول؛ لأن المشركين إذ ذاك طالبوه بالرجوع عن دينه.
فإن قلت: فتنة عمار كانت أول الإسلام، وهنا قَالَ:"يَدْعُوهُمْ" بلفظ المستقبل وما قلته لفظ الماضي؟
فالجواب: أن العرب قد تخبر عن المستقبل بالماضي إذا عرف المعنى كعكسه، فمعنى يدعوهم: دعاهم إلى الله، فأشار إلى ذكر هذا لما تطابقت شدته في نقله لبنتين شدته في صبره بمكة على العذاب؛ تنبيهًا على فضيلته، وثباته في أمر الله، ومسحه - صلي الله عليه وسلم - الغبار عن رأس عمار رضًا من رسول الله بفعله، وشكرًا له على عزمه في ذات الله، قاله المهلب (١).
وقوله:(لبنة): هو بفتح اللام وكسر الباء ويجوز كسر اللام وإسكان الباء قَالَ ابن فارس: اللَّبِنَة من اللَّبِن، معروفة وضبطها بالثانى قَالَ: ويقال: لَبْنَة (٢).
وقوله: ("وَيْحَ عَمَّارٍ" ترجم له، وذلك أن قوله تعالى:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[النحل: ١٠٦] نزلت فيه كما قاله المفسرون (٣).
(١) نقله عنه ابن بطال ٥/ ٢٧. (٢) مجمل اللغة" ٢/ ٨٠٢. مادة: لبن. (٣) هو قول ابن عباس وقتادة وغيرهما، كما رواه الطبري ٧/ ٦٥١ - ٦٥٢.