وقوله:{فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ} يعني اليد والعصا، حجتان من الله تعالى لموسى على صدقه (١). وقُرئ {فَذَانِكَ} بتخفيف النون وتشديده (٢).
قال أبو عبيد: كان أبو عمرو يخص هذا الحرف بالتشديد [من بين إخوانه. ويحكى أن التشديد لغة قريش (٣)، قال أبو إسحاق: التشديد] (٤) يشبه ذلك، والتخفيف يشبه ذاك، جعل بدل اللام في ذلك تشديد النون في:{ذَانَّكَ}(٥). وهذا قول الأخفش؛ قال: أدخلوا التثقيل للتأكيد، كما أدخلوا اللام في ذلك (٦). وهذا مما قد تقدم القول فيه في سورة النساء (٧).
وروى شِبل عن ابن كثير:{فَذَانِيكَ} خفيفة النون بياء (٨)؛ كأنه أبدل من الثانية الياء كراهية التضعيف، كما أنشد أبو زيد:
فآليت لا أَشْرِيه حتى يَمَلَّنِي ... بشيء ولا أمْلاهُ حتى يُفارقا (٩)
(١) "غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٣، و"الطبري" ٢٠/ ٧٣. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ١٤٧ أ. (٢) قرأ ابن كثير وأبو عمرو: {فَذَانِكَ} مشددة النون، وقرأ الباقون: {فَذَانِكَ} بالتخفيف. "السبعة" ٤٩٣، و"الحجة" ٥/ ٤١٩، و"النشر" ٢/ ٣٤١. (٣) "تفسير ابن جرير" ٢٠/ ٧٤، ولم يذكر أبا عبيد. (٤) ما بين المعقوفين ساقط من نسخة: (أ)، (ب). (٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٤٣. (٦) "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٥٣. قال المبرد: تبدل من اللام نونًا، وتدغم إحدى النونين في الأخرى. "المقتضب" ٣/ ٢٧٥. وذكر ذلك أيضًا ابن جني، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٤٨٧. (٧) ذكره في تفسير الآية: ١٦ {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ}. (٨) "السبعة" ٤٩٣، و"الحجة" ٥/ ٤١٩، و"إعراب القراءات السبع وعللَّها" ٢/ ١٧٤. (٩) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٢٠، ونسبه لأبي زيد. وهو في "النوادر" ٤٤، مع بيتين قبله منسوبًا للأسود بن يعفر النهشلي، بلفظ: =