يقول: كلُّ من ركب هواه، وفعل ما يفعل بغير مشاورة أخطأ أحيانًا. وكذلك قوله تعالى:{وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ}[الطلاق: ٦] لم يُرِد: تَشاوروا، إنما أراد: هُمُّوا به، واعتزموا عليه. ولو كان كما قال أبو عبيدة لقال: يتآمرون فيك (١).
وقال الزجاج في قوله:{يَأْتَمِرُونَ بِكَ} يأمر بعضهم بعضًا بقتلك (٢).
قال الأزهري: يقال: ائتمر القوم، وتآمروا: إذا أمر بعضهم بعضًا (٣)، كما يقال: اقتتل القوم وتقاتلوا، واختصموا وتخاصموا. ومعنى:{يَأْتَمِرُونَ بِكَ} يؤامر بعضهم بعضًا بقتلك؛ وهذا أحسن من قول القتيبي: إنه بمعنى: يَهِمُّون بك، وقول الله تعالى:{وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} ليأمر بعضكم بعضًا بمعروف. وجائز أن يقال: ائتمر فلان رأيه، إذا شاور عقله في الأمر الذي يأتيه. وقد يصيب الذي يأتمر رأيه مرة، ويخطئ أخرى، وهذا معنى قوله: اعلمن أن كل مؤتمر.
أي: من ائتمر رأيه فيما ينوبه يخطئ أحيانًا. انتهى كلامه (٤). ومعنى الائتمار في كلام العرب: المشاورة، وهو يعود إلى أن يأمر بعضهم بعضًا (٥)، كما ذكره الزجاج.
قال شمر: يقال: ائتمرت فلانًا في ذلك الأمر، إذا شاورته، وائتمر
(١) "غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٠، مختصرًا، ونقل قول ابن قتيبة: الأزهري، "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٩٤ (أمر). (٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٨. و"وضح البرهان" ٢/ ١٤٩. (٣) في نسخة: (ب)، زيادة: بقتلك. وهي غير موجودة في "التهذيب". (٤) "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٩٥ (أمر). (٥) في نسخة: (أ)، (ب): بعضكم بعضًا.