وقال القاضي عياض -رحمه الله-: "اعلم أن من أحب شيئًا آثره وآثرَ موافقتَهُ، وإلا لم يكن صادقًا في حبه، وكان مُدَّعيًا. فالصادق في حُب النبي - صلى الله عليه وسلم - من تَظهَرُ علامةُ ذلك عليه، وأولُهَا: الاقتداءُ به، واستعمالُ سُنتِهِ، واتباعُ أقوالِهِ وأفعالِهِ، واجتنابُ نواهيهِ، والتأدبُ بآدابهِ في عُسرهِ وُيسرهِ، ومنشطهِ ومكرهِهِ، وشاهدُ هذا قوله تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران: ٣١].
وإيثارُ ما شرعَهُ وحضَّ عليه على هَوَى نفسِهِ، وموافقةِ شهوتِهِ، قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: ٩]. وإسخاطُ العِبَادِ في رضي اللهِ تعالى" (١).
وقد أحسن من قال:
تَعصي الإلهَ وأنتَ تزعمُ حُبهُ ... هذا لعمري في القياسِ شنيعُ
لو كانَ حُبك صادقًا لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيعُ
قال القاضي عياض -رحمه الله-: "وَمُخَالفَهُ أمرِهِ وَتَبديلُ سنتهِ ضَلالٌ وَبِدعةٌ مُتَوعَّد مِنَ اللهِ عليه بالخِذلانِ والعَذَابِ"(٢).