وكان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - رقيق القلب، ففي حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان أبو بكرٍ رجُلًا بكاءً لا يملِكُ دمعَهُ حين يقرأُ القُرآنَ" (٢).
وهذا تميم الداري - رضي الله عنه - صلى في المسجد بعد العشاء، فمر بهذه الآية {وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ}[المؤمنون: ١٠٤]، فما خرج منها حتى سمع أذان الصبح (٣)
والكُلوح: أن تتقلص الشفتان عن الأسنان من الأعلى والأسفل، حتى تنكشف في عبوس من الهول والعذاب.
ومع متدبر آخر هو جبير بن مطعم - رضي الله عنه -.
عن جُبير بن مُطعم - رضي الله عنه - قال سمعتُ النبِي - صلى الله عليه وسلم - يَقرَأُ فِي المَغرِبِ بِالطورِ، فَلَمَّا بَلَغ هَذِهِ الآيَةَ {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧)} [الطور ٣٥: ٣٧]، قَالَ: كَادَ قَلبِي أن يَطِيرَ (٤).
قال الخطابي: "كأنه انزعج عند سماع هذه الآية، لفهمه معناها ومعرفته بما تضمنته، ففهم الحجة فاستدركها بلطيف طبعه" (٥).
(١) أخرجه البخاري (٥٠١٣ - فتح) في كتاب فضائل القرآن، باب: فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. (٢) "أخرجه البخاري" (٢٢٩٧ - فتح) في كتاب الكفالة، باب: جوار أبي بكر. (٣) "صفة الصفوة" (١/ ٧٣٩) في ترجمة تميم بن أوس الداري - رضي الله عنه -. (٤) أخرجه البخاري (٤٨٥٤ - فتح) في كتاب تفسير القرآن. (٥) "فتح الباري" (٨/ ٦٠٣).