لولا مفارقة الأحباب ما وجدت ... لها المنايا إلى أرواحنا سبلا
هذا مأخوذ من قول أبى تمام (١):
لو حار مرتاد المنيّة لم يجد ... إلاّ الفراق على النّفوس دليلا
الأحباب: جمع حبّ، كعدل وأعدال، ومثله من الوصف: نقض وأنقاض، ولا ينبغى أن يكون جمع حبيب، كشريف وأشراف، ويتيم وأيتام، لأمرين، أحدهما: أنّ الأول أقيس وأكثر، والثانى: أن يتيما وشريفا من باب فعيل الذى بمعنى فاعل، وحبيبا: فعيل الذى بمعنى مفعول (٢)، فأصله محبوب، كما أن قتيلا/ أصله مقتول، فقد افترقا.
والمصدر الذى هو «مفارقة» مضاف إلى فاعله، وليس بمضاف إلى مفعوله، كإضافة السّؤال فى قوله تعالى:{لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ}(٣) ولا يحسن أن تقدّر: لولا مفارقة المحبّين الأحباب، وإن كان ذلك جائزا من طريق الإعراب، لأن المحبّ لا يوصف بمفارقة محبوبه، وإيجاد سبيل للمنيّة إلى روحه، وإنما هو مفارق لا مفارق.
وقوله:«لها» من الحشو الذى لا فائدة فيه، لأن المعنى غير مفتقر إليه، فهو من الزيادات الموضوعة لإقامة الوزن، وقد حمل عدم الفائدة به بعض أدباء المغرب (٤)
(١) ديوانه ٣/ ٦٦، والموضع السابق من ديوان المتنبى، وشرح الواحدى ص ٢٤، والإبانة عن سرقات المتنبى ص ٤٨، والوساطة ص ٢١٧، والصبح المنبى ص ٢٢٠، وشرح أبيات المغنى ٤/ ٣٣٢، وحكى كلام ابن الشجرى. (٢) وهذا يجمع على أفعلاء، نحو شديد وأشدّاء. شرح ابن عقيل ٢/ ٣٦٦، وانظر تفسير الطبرى ١٠/ ١٥٢، فى تفسير قوله تعالى: وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبّاؤُهُ سورة المائدة ١٨. (٣) سورة ص ٢٤. (٤) فى هـ: «العرب». وتفسير قوله: «بعض أدباء المغرب». جاء فى الموضع السابق من شرح ديوان المتنبى، قال: «قال ابن القطاع: لها: هى الفاعلة، والمنايا: فى موضع خفض بالإضافة، والمعنى: وجدت لهوات المنايا، فلها: جمع لهاة. وقال: قال لى شيخى محمد بن على التميمى: قال لى أبو علىّ-