{أَنَا اللهُ}(١) فهذا ضمير الشأن، وهى هند جالسة، فهى ضمير القصة، كما قال جلّ ثناؤه:{فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا}(٢).
والمفسّر بالمفرد الإضمار فى نعم وبئس وربّ، نحو نعم غلاما زيد، و {بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً}(٣) الأصل: نعم الغلام، وبئس البدل، فلما أضمرا فسّرا بنكرة من لفظيهما، والمضمر فى «ربّ» كقولك: ربّه رجلا عالما أدركت، وجاز أن يلاصق «ربّ» المضمر وهى لا تليها المعارف؛ لأنه غير عائد على مذكور، فهو جار مجرى ظاهر منكور.
وقوله:{فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ} طفق من/أفعال المقاربة، التى تلزم بعدها الأفعال المستقبلة، كجعل وأخذ وكرب، تقول: طفق يفعل كذا، وجعل يتكلّم بحجّته، وأخذ يلوم زيدا، وكربت الشّمس تغيب: أى قاربت المغيب، والتقدير: فطفق يمسح مسحا بالسّوق، لا بدّ له من يفعل [كذا (٤)]، كما قال تعالى:{وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ}(٥) ولا يجوز أن تقدّر أن {مَسْحاً}(٦) وقع موقع ماسحا، كما وقع {غَوْراً} موقع غائرا فى قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً}(٧) لأنّ هذا الضّرب من الأفعال يلزمه يفعل، ظاهرا أو مقدرا.
والمسح هاهنا: القطع، ومنه اشتقاق التّمساح، لدابّة من دوابّ البحر، لأنه يقطع بأسنانه كما يقطع السيف.
(١) الآية التاسعة من سورة النمل. (٢) سورة الأنبياء ٩٧، وانظر كتاب الشعر ص ٢٧٤. (٣) الآية المتمة الخمسين من سورة الكهف. (٤) سقط من هـ. (٥) سورة الأعراف ٢٢، وطه ١٢١. (٦) أى تعربه مصدرا فى موضع الحال، كما قال العكبرى فى التبيان ص ١١٠١، وانظر كتاب الشعر ص ٣٤٣. وانظر ما سبق فى ص ٨٢. (٧) الآية الأخيرة من سورة الملك.