وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ بِوُجُوبِهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَفُرُوعِهِ, وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ, وَذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وِفَاقًا فِي صَوْمِ يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ, وَهَذَا يُنَاقِضُ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا, وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ فِي النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ, وَأَنَّهُ مَذْهَبُنَا, لِئَلَّا يَفُوتَ بَعْضُ النَّهَارِ عَنْ النِّيَّةِ, وَالصَّوْمُ يَدْخُلُ فِيهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ, فَلَا يُمْكِنُهُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ حَالَ الدُّخُولِ فِيهِ, بِخِلَافِ الصَّلَاةِ, كَذَا قَالَ وَسَبَقَ فِي النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ.
وَالْمُرَادُ بِالْفَجْرِ الصَّادِقِ, وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ, فَيَحْرُمُ الْأَكْلُ وَغَيْرُهُ بِطُلُوعِهِ "و" فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ, لِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ} [البقرة: ١٨٧] إنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ, وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ: "إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا١, وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد٢ عَنْ عَائِشَةَ; أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ؟ فَقَالَ: "وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ" فَقَالَ: لَسْت مِثْلَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ, فَقَالَ: "وَاَللَّهِ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقَى" , يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ وَقْتِ الصَّوْمِ, وَذَكَرَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ السُّحُورِ أَذَانُ بِلَالٍ والفجر المستطيل" ٣ وقال
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
١ الأول البخاري "١٩١٦" ومسلم "١٠٩٠" "٣٣" الثاني البخاري "١٩١٨" ومسلم "١٠٩٢" "٣٦".٢ أحمد "٢٤٣٨٥" ومسلم "١١١٠" "٧٩" وأبو داود "٢٣٨٨".٣ أخرجه الترمذي "٧٠٦".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute