قَالَ لِعَالِمَيْنِ اُرْقُبَا الْفَجْرَ, فَقَالَ أَحَدُهُمَا: طَلَعَ, وقال الآخر: لا١ يَطْلُعْ أَكَلَ حَتَّى يَتَّفِقَا, وَأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ٢ وَعُمَرُ٣ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمْ. وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ صَوْمَ يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ بِالْأَكْلِ مَعَ الشَّكِّ فِي الْفَجْرِ. وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْأَصْلِ هُنَا لَا يُسْقِطُ الْعِبَادَةَ, وَالْبِنَاءَ عَلَى الْأَصْلِ فِي مَسْأَلَةِ الْغَيْمِ يُسْقِطُ الصَّوْمَ, وَلِلْمَشَقَّةِ هُنَا, لِتَكْرَارِهِ, وَالْغَيْمُ نَادِرٌ. وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي الْجَوَابِ عَلَى الْمَشَقَّةِ مَعَ مَا فِي الْغَيْمِ مِنْ الْخَبَرِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: إذَا خَافَ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُمْسِكَ جُزْءًا مِنْ الليل ليتحقق٤ لَهُ صَوْمُ جَمِيعِ الْيَوْمِ, وَجَعَلَهُ أَصْلًا لِوُجُوبِ صَوْمِ يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ, وَقَالَ: لَا فَرْقَ. ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَوْضِعِهَا وَأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْأَكْلُ مَعَ الشَّكِّ فِي الْفَجْرِ, وَزَادَ: بَلْ يُسْتَحَبُّ, كَذَا قَالَ.
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ: الْأَوْلَى أَنْ لَا يَأْكُلَ مَعَ شَكِّهِ فِي طُلُوعِهِ. وَكَذَا جَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مَعَ جَزْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. وَلَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْجِمَاعِ "و" لِأَنَّهُ لَا يَتَقَوَّى بِهِ, وَيُكْرَهُ مَعَ الشَّكِّ فِي الْفَجْرِ, وَلَا يُكْرَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مَعَ الشَّكِّ فِيهِ. نَصَّ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ.
وَلَا يَجِبُ إمْسَاكُ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ, فِي ظَاهِرِ كَلَامِ جَمَاعَةٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَوْ صَرِيحُهُ, وَذَكَرَ ابْنُ الجوزي أنه أصح الوجهين "م ر"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
١ في "ط" "لم يطلع".٢ أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه "٣/٢٥".٣ أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه "٣/٢٦".٤ في الأصل و"ب" و"ط" "يتحقق".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute