فصل: يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَتَعَاهَدَ صَوْمَهُ مِنْ لِسَانِهِ
...
فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَنْبَغِي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه
يُمَارِيَ, وَيَصُونَ صَوْمَهُ; كَانُوا إذَا صَامُوا قَعَدُوا فِي الْمَسَاجِدِ وَقَالُوا نَحْفَظُ صَوْمَنَا, وَلَا يَغْتَابَ أَحَدًا, وَلَا يَعْمَلَ عَمَلًا يَجْرَحُ١ بِهِ صَوْمَهُ.
قَالَ الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ: يُسَنُّ لَهُ كَثْرَةُ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَالصَّدَقَةِ, وَكَفُّ لِسَانِهِ عَمَّا يُكْرَهُ, وَيَجِبُ كَفُّهُ عَمَّا يَحْرُمُ مِنْ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالشَّتْمِ وَالْفُحْشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ "ع" وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ قَوْلَ النَّخَعِيِّ: تَسْبِيحَةٌ فِي رَمَضَانَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ تَسْبِيحَةٍ فِي غَيْرِهِ, وَذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
وَلَا يُفْطِرُ بِالْغِيبَةِ وَنَحْوِهَا, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "و" وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: لَوْ كَانَتْ الْغِيبَةُ تُفْطِرُ مَا كَانَ لَنَا صَوْمٌ: وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ "ع" لِأَنَّ فَرْضَ الصَّوْمِ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ, وَظَاهِرُهُ صِحَّتُهُ إلَّا مَا خَصَّهُ دَلِيلٌ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ عَمَّارٌ٢: رَوَاهُ "الْإِمَامُ" أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"٣ معناه الزجر والتحذير, لم يأمر٤ مَنْ اغْتَابَ بِتَرْكِ صِيَامِهِ. قَالَ: وَالنَّهْيُ عَنْهُ لِيَسْلَمَ مِنْ نَقْصِ الْأَجْرِ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ قَدْ يُكْثِرُ فَيَزِيدُ عَلَى أَجْرِ الصَّوْمِ وَقَدْ يَقِلُّ وَقَدْ يَتَسَاوَيَانِ, قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا "مِمَّا" لَا نِزَاعَ فِيهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ. وَأَسْقَطَ أَبُو الْفَرَجِ ثوابه بالغيبة ونحوها, ومراده ما
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
١ في "س" و" ب" "يخرج".٢ في "ط": "عمار".٣ أحمد "٩٨٣٩" والبخاري "١٩٠٣".٤ في "س" و"ب" "ويؤمر".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute