أنه باطل بكل حال، ومقصودهما إنما هو الربا بإعطاء دراهم إلى أجل ومنفعة الدراهم هي الربح" (١).
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: أن عامة الناس بحاجة لبيع الوفاء، والحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة (٢)، فهو كالاستصناع أبيح لحاجة الناس (٣).
يناقش: بأن النهي عن بيع الوفاء؛ لأنه قرض جر نفعًا؛ فهو ربا، وأما الاستصناع فالنهي عنه لما فيه من الغرر، وفرق بين الربا والغرر؛ فالحاجة لا تنزل منزلة الضرورة في إباحة الربا، وتنزل منزلة الضرورة في إباحة الغرر بشروط، فالربا لا تبيحه إلا الضرورة، وقد سبق بيان ذلك (٤).
الدليل الثاني: أن حقيقة بيع الوفاء عبارة عن رهن مقابل الدين، والرهن يجوز الانتفاع به بإذن مالكه، وقد أذن له في ذلك (٥).
نوقش: بأن الرهن يختلف عن بيع الوفاء؛ فكل منهما عقد مستقل، له أحكامه المستقلة؛ فغاية الرهن توثيقية فقط، أما بيع الوفاء فغايته توثيق الدين وانتفاع الدائن بالعقار (٦)، وهو باطل؛ لأنه شرط رهنًا ينتفع به زيادة على الدين فصار قرضا جر منفعة (٧).