هَذَا، وَقبَّحه، وَقَالَ (١) : صَاحِبُ الحَدِيْث يَجرحُ وَيُعَدِّلُ، أَفَلاَ تُفرِّقُ يَا هَذَا بَيْنَ الْجرْح وَالغِيبَة؟!
ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ قَدِ احْتَجَّ بكَلاَم ابْن نَاصر فِي كَثِيْر مِنَ الترَاجم فِي (الذّيل) لَهُ.
ثُمَّ بَالغ ابْن الجَوْزِيِّ فِي الْحَط عَلَى أَبِي سَعْدٍ، وَنسبه إِلَى التَّعَصُّب البَارِد عَلَى الحَنَابِلَة، وَأَنَا فَمَا رَأَيْتُ أَبَا سَعْد كَذَلِكَ، وَلاَ رَيْب أَنَّ ابْنَ نَاصرٍ يَتعسف فِي الْحَط عَلَى جَمَاعَة مِنَ الشُّيُوْخ، وَأَبُو سَعْدٍ أَعْلَم بِالتَّارِيْخ، وَأَحْفَظ مِنِ ابْنِ الجَوْزِيّ وَمِنِ ابْنِ نَاصر، وَهَذَا قَوْله فِي ابْن نَاصر فِي (الذّيل) .
قَالَ: هُوَ ثِقَةٌ، حَافِظ، ديِّن، مُتْقِن، ثَبْتٌ، لُغوِي، عَارِف بِالمُتُوْنِ وَالأَسَانِيْد، كَثِيْرُ الصَّلاَة وَالتِّلاَوَة، غَيْر أَنَّهُ يُحِبّ أَنْ يَقع فِي النَّاسِ، وَهُوَ صَحِيْح القِرَاءة وَالنقل، وَأَوّل سَمَاعه فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ الأَنْبَارِيّ (٢) .
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ فِي (تَارِيْخِهِ) : كَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، حسنَ الطّرِيقَة، مُتَدَيِّناً، فَقِيراً، مُتَعَفِّفاً، نَظِيفاً، نَزِهاً، وَقَفَ كُتُبَهُ، وَخلَّف ثِيَاباً خَلِيعاً وَثَلاَثَةَ دَنَانِيْرَ وَلَمْ يُعقِب، سَمِعْتُ ابْنَ سُكَيْنَة وَابْن الأَخْضَرِ وَغَيْرَهُمَا يُكثرُوْنَ الثَّنَاء عَلَيْهِ، وَيَصِفُوْنَهُ بِالحِفْظ، وَالإِتْقَان، وَالدِّيَانَة، وَالمحَافِظَة عَلَى السُّنَن وَالنوَافل، وَسَمِعْتُ جَمَاعَة مِنْ شُيُوْخِي يذكرُوْنَ أَنَّهُ وَابْنَ الجَوَالِيْقِيّ كَانَا يَقْرَآن الأَدب عَلَى أَبِي زَكَرِيَّا التِّبْرِيْزِيّ، وَيطلبَان الحَدِيْث، فَكَانَ النَّاسُ يَقُوْلُوْنَ: يَخْرُج ابْن نَاصر لغوِي بَغْدَاد، وَيَخْرُج أَبُو مَنْصُوْرٍ بن الجَوَالِيْقِيّ مُحَدِّثهَا، فَانعكس الأَمْر، وَانقَلْب (٣) ...
قُلْتُ: قَدْ كَانَ ابْنُ نَاصِرٍ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَة أَيْضاً.
(١) في " المنتظم " ١٠ / ١٦٣.(٢) انظر " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": ٣٩، ٤٠.(٣) انظر " تذكرة الحفاظ " ٤ / ١٢٩١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute