والرابعةُ: إنَّهُ يلزمُ إثبات الرد بغير عيب، لأنه لو كان نقصانُ اللبن عيبًا لثبت به الرد من دون تصرية، ولا اشتراط لأنه لم يشترط الردَّ. وأجيبَ بأنه في حكم خيار الشرط منْ حيثُ المعنَى؛ فإنَّ المشتري لما رَأَى ضِرعَها مملوءًا فكأنَّ البائعَ شرطَ لهُ أنَّ ذلكَ عادةٌ لها، وقد ثبتَ لهذا نظائرُ مثلُ ما تقدَّمَ في تلقي الجلوبةِ. وإذا تقرَّرَ عندكَ ضعفُ القولينِ الآخريْنِ علمتَ أن الحقَّ (٣) هوَ الأَوَّلُ، وعرفتَ أن الحديثَ أصلٌ (٤) في النَّهي عن الغشِّ، وفي ثبوتِ الخيارِ لمنْ دلَّسَ عليهِ، وفي أنَّ التدليسَ لا يفسدُ أصلَ العقدِ، وفي تحريمِ التصريةِ للمبيعِ وثبوتِ الخيارِ بها. وقدْ أخرجَ أحمدُ (٥)، وابنُ ماجهْ (٦) منْ حديثِ ابن مسعودٍ مرفوعًا: "بيعُ المحفلاتِ خِلابةٌ، ولا تحلُّ الخلابةُ، لمسلمٍ"، وفي إسنادهِ ضعفٌ، ورواه ابنُ أبي شيبةَ
(١) الحديث أصل والقياس فرع، فكيف يرد الفرعُ الأصلَ؟ (٢) زيادة من (أ). (٣) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٣٦٦، ٣٦٧). (٤) كما قال ابن عبد البر، انظر: "الفتح" (٤/ ٣٦٧). (٥) في "المسند" (١/ ٤٣٣). (٦) في "سننه" (٢٢٤١). قلت: وأخرجه البيهقي (٥/ ٣١٧)، وابن أبي شيبة (٦/ ٢١٦ رقم ٨٥٩). وضعَّفه الحافظ في "الفتح" (٤/ ٣٦٧)، والألباني في "ضعيف ابن ماجه" (ص ١٧٢ رقم ٤٨٧/ ٢٢٤١).