نعمْ بعدَ علمِ الخير فيهمْ تجبُ الكتابةُ، وفي تفسير الخير [أربعةٍ](٢) أقوالٌ:
الأولُ: للسلفِ، وحديث مرفوع ومرسل عند أبي داودَ (٣) أنهُ قالَ - صلى الله عليه وسلم -: (إنْ علمتمْ فيهمْ حرفةً، ولا ترسلُوهم كلًّا على الناس).
الثاني: لابنِ عباسٍ قال: (خيرًا) المالُ.
الثالثُ: عنهُ، أمانةٌ ووفاءٌ.
الرابعُ: عنهُ، إنْ علمتَ أن مكاتِبكَ يقضيْكَ. وقولُها: في كلِّ عامٍ أوقيةٌ، [و](٤) في تقريرهِ - صلى الله عليه وسلم - لذلكَ دليل على جوازِ التنجيمِ لا علَى تحتُّمهِ وشرطِيَّتِه كما ذهبَ إليهِ الشافعيُّ والهادي وغيرُهما (٥). قالُوا: التنجيمُ في الكتابةِ شرطٌ [فأقلها](٦) نجمانِ، واستدلُّوا برواياتٍ عن السَّلَفِ لا تنهضُ دليلًا. وذهبَ الجمهورُ، وأحمدُ، ومالكٌ على جوازِ عقدِ الكتابةِ على نجمٍ لقولهِ:{فَكَاتِبُوهُمْ}(٧) ولَمْ يفصلْ، وهوَ ظاهرٌ. والقولُ بأنه قيَّدَ إطلاقَها الآثارُ عنه السلفِ غيرُ صحيح؛ إذْ ليسَ بإجماعٍ، وتقييدُ الآياتِ بآراءِ العلماءِ باطلٌ. ودلَّ قولُه - صلى الله عليه وسلم -: (خُذِيْها)، على جوازِ بيع المكاتبِ عندَ تعسُّر الإيفاءِ بمالِ [الكاتبة](٨)، وللعلماءِ في جواز بيع المكاتبِ ثلاثةُ أَقوالٍ:
الأولُ: جوازُه، وهوَ مذهبُ أحمدَ، ومالكٍ، وحُجَّتُهم قولُه - صلى الله عليه وسلم -: (المكاتبُ رقُّ ما بقيَ عليه درهمٌ). أخرجهُ أبو داود (٩)، وابن ماجهْ (١٠) من حديثِ عمروِ بن شعيبٍ عنْ أبيهِ عنْ جدِّه.
(١) سورة النور: الآية (٣٣). (٢) في (ب): (ثلاثة) والصواب ما أثبتناه. (٣) في (المراسيل) ص (١٦٩) رقم (١٨٥) من مرسل يحيى بن أبي كثير. قلت: وأخرجه البيهقي من طريقه (١٠/ ٣١٧)، وأخرجه أيضًا (١٠/ ٣١٨) موقوفًا على ابن عباس - رضي الله عنهما -. (٤) زيادة من (ب). (٥) في المخطوط: (و) في هذا الموضع قبل قالوا، ولا محل لها. انظر: (البحر الزخار). (٦) في (ب): (أقله). (٧) سورة النور: (الآية (٣٣). (٨) في (ب): (الكتابة). (٩) في السنن (٣٩٢٦). (١٠) في السنن (٢٥١٩) بلفظ مختلف. وأخرجه أيضًا (٣٩٢٧)، وصحَّحه الألباني في (الإرواء) (٦/ ١١٩) رقم (١٦٧٤).