بل هو من القسم الثاني. وهو ما وضعت العرب له بناء قلة ولكنها استغنت ببناء الكثرة عنه. كقوله تعالى:{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨] . ففسر ثلاثة بجمع الكثرة مع وجود جمع القلة. كقوله -صلى الله عليه وسلم:"دعي الصلاة أيام أقرائك" ١. وعلى ذلك يحمل قول الناظم.
٧٩٢-
وبعض ذي بكثرة وضعا يفي ... كأرجل والعكس جاء كالصفي
البناء "الأول من أبنية القلة: أفعل، بضم العين، وهو جمع لنوعين" كل منهما لجمعه شروط:
"أحدهما: فعل"، بفتح الفاء وسكون العين، حال كونه "اسمًا" لا صفة، "صحيح العين" لا معتلها. "سواء صحت لامه أم اعتلت، بالياء أم بالواو"، وليست "فاؤه" واوًا" كـ: وعد، ولا "لامه" مماثلة لعينه [كـ: رق] ٢، وذلك "نحو: كلب" وأكلب، "وظبي" وأظب، "وجرو" وأجر. وأصلهما: أظبي وأجرو، بضم الياء والراء، فقلبت ضمتهما كسرة، والواو في: أجرو ياء وحذفت الياء الأصلية في أظبي، والمنقلبة في: أجرو على حد الحذف في: قاض وغاز.
"بخلاف نحو: ضخم"، فلا يجمع على أفعل "فإنه صفة. وإنما قالوا: أعبد" جمع: عبد مع أنه صفة "لغلبة الاسمية". قاله ابن مالك٣.
"وبخلاف نحو: سوط٤ وبيت"، فلا يجمعان على: أفعل "لاعتلال العين" بالواو في الأول، والياء في الثاني. "وشذ قياسًا" لا سماعًا: "أعين" جمع: عين. قال الله تعالى:{وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ}[التوبة: ٩٢] .
"و" شذ "قياسًا وسماعًا: أثوب"٥ جمع: ثوب. "وأسيف" جمع: سيف. قال معروف بن عبد الرحمن، أو حميد بن ثور، على خلف:[من الرجز]
٩٠٤-
لكل دهر قد لبست أثوبا ... حتى اكتسى الرأس قناعًا أشيبا
١ أخرجه أبو داود في الطهارة ١/ ٧٢، والترمذي في الطهارة ١/ ٢٢٠، وابن الأثير في النهاية ٤/ ٣٢. ٢ إضافة من "ط". ٣ شرح الكافية الشافية ٤/ ١٨١٦. ٤ في "أ": "صوت"، وفي "ب": "شوط"، والتصويب من "ط"، وأوضح المسالك ٤/ ٣٠٨. ٥ في "ب": "أثواب". ٩٠٤- الرجز لمعروف بن عبد الرحمن في التثنية والإيضاح ١/ ٦٢، وتاج العروس ٢/ ١٠٩ "ثوب"، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٣٩٠، ولسان العرب ١/ ٢٤٥ "ثوب"، ولحميد بن ثور في ديوانه ص١٦، =