وقيل: أُمِرَ وفدُ قريشٍ أنْ يقولوا لرسول الله ﷺ: ألسْتَ تتلو فيما أُنْزِلَ عليك أنَّا قد أوتينا التَّوراة وفيها عِلْمُ كلِّ شيء.
وأما ما قيل: إنها نزلَتْ حين سألوا عن قوله: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥]، ومخالفته لنزول التَّوراة وفيها علم كلِّ شيء (١).
فيَرِدُ (٢) عليه أنه لا يصلح سببًا للنزول؛ إذ ليس فيما نزلَ تعرُّضٌ لوجهِ التَّوفيق بينهما.
﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾: إلَّا كخلقِها وبعثِها؛ لأنَّه لا يشغله شأنٌ عن شأنٍ، فلا يتفاوت عندَه القليلُ والكثيرُ؛ لأنَّه يكفي في وجود الكلِّ تعلُّق إرادته القديمة منضمَّةً إلى قدرته الذَّاتية كما قال: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل: ٤٠].
﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ﴾ لكلِّ مسموعٍ.
﴿بَصِيرٌ﴾ لكلِّ مُبْصرٍ، فلا يشغلُه إدراكُ بعضِها عن بعضٍ، وكذلك الخَلقُ والبعثُ.
* * *
(١) هو خبر ابن عباس الذي تقدم قريبًا، ورواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٦٨) أيضًا عن عكرمة، و (١٥/ ٧٢) عن عطاء بن يسار. (٢) في النسخ: "ويرد"، والصواب المثبت، فقد جاء في هامش (ي): "في نسخة المؤلف: ويرد، بالواو ولا وجه له ".