﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥) وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا﴾ تركَ أداةَ الجمع في قصَّة ثمود ليفيدَ التَّوكيد والتَّقرير والقطع بأنَّه بشرٌ مثلهم؛ أي: لا ينبغي أنْ نؤمن برسالتك إلَّا بشيءٍ تمتازُ به عنَّا، ولهذا قالوا: ﴿فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٤]، وأتى بها هنا للدِّلالة على أنَّه جامعٌ بينَ وصفَيْنِ متنافِيَيْنِ للرِّسالة؛ مبالغةً في تكذيبهم، فكأنَّهم قالوا: نحن وأنت في عدم صلاحيَة الرِّسالة من جهة كوننا بشراً سواءٌ، ولكَ (١) المزيَّة علينا في كونك مسحَّراً (٢) دوننا، ثمَّ أكَّدوا ذلك بقولهم:
﴿نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ والظَّنُّ بمعنى اليقين، ولذلك أدخل (إنْ) واللَّام.
ولَمَّا كانَ هذا الرَّدُّ أبلغُ مِن الأوَّلِ، ما طلبوا البرهان كما طلبَ ثمودُ حيثُ قالوا: ﴿فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٤]، بل قطعوا بما يدلُّ على اليأس مِن إيمانهم بقولهم على سبيلِ الاستهزاءِ: