﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ بدل من واو ﴿وَأَسَرُّوا﴾، وفائدةُ الإبدالِ: الإشعارُ بأنَّهم الموسومون بالظُّلم الفاحش فيما أسرُّوا به، أو منصوب على الذَّمِّ، أو مرفوع بالابتداء، خبره ﴿وأسروا النَّجوى﴾، قُدِّمَ عليه.
وفائدةُ التَّقديمِ: الاهتمامُ ببيان إسرارهم النَّجوى بالتَّسجيل عليهم بأنَّه ظلمٌ؛ لأنَّ الأصل: وهم أسرُّوا النَّجوى، فوُضع المظهَرُ موضع المضمَر، وقدِّم الإسرار؛ لِيُفهَم منه أنَّ الإسرارَ هو الظُّلمُ.
ثم بيَّنَ أنَّ النَّجوى ما هو؟ بقوله: ﴿هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ ليتمكَّنَ في أنفس السَّامعين بالإبهام (١) والتَّبيين، ويتحقَّق عندهم أنَّ ذلك هو الظُّلم الفاحش بالدَّليل الواضح؛ لتسميتهم المعجِزَ سحراً مُبيناً، وادِّعائهم أنَّ كونه سحراً مشاهداً بيِّنٌ، واعتقادِهم أنَّ رسولَ اللهِ لا يكون إلَّا مَلَكاً، وأنَّ مَن ادَّعى الرِّسالة من البشر فهو ساحرٌ، وإنكارِهم أن يَحضروا السِّحر الذي لا شكَّ فيه.
وإنَّما أسرُّوا تشاوراً في استنباط ما يهدم أمرَه، ويُظهر للنَّاس فسادَه؛ تثبيطاً عنه، وعادةُ المتشاورِين الكتمانُ.
وما ذكر كلُّه في محلِّ النَّصب بدلاً من ﴿النَّجْوَى﴾، أو مفعولاً لـ (قالوا) مضمراً.