للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَعَلَى الْأَعْرَافِ﴾؛ أي: أعرافِ الحجاب وهو أعاليه، جمع عُرْفٍ، وهو ما ارتفع من الشيء فإنه بارتفاعه وظهوره أعرفُ من غيره، ومنه: عُرْفُ الديك.

﴿رِجَالٌ﴾: قومٌ عَلَتْ درجاتهم؛ كالأنبياء والشهداءِ (١)، أو خيارِ المؤمنين، أو ملائكة يُرون في صورة الرجال.

وقيل: جمع قصَّروا في العمل، أو تساوت حسناتُهم وسيئاتُهم، ويأباهما عبارةُ الرجال؛ لأن الأمر المذكور لا يختصُّ بالذكور.

﴿يَعْرِفُونَ كُلًّا﴾ من أهل الجنة والنار ﴿بِسِيمَاهُمْ﴾: بعلامتهم التي أعلمهم الله تعالى بها؛ كبياض الوجه وسواده، فِعْلَى مِن سام إبله: إذا أرسلها في المرعى معلَّمةً، أو عِفْلَى مِن (وَسَم) على القلب؛ كالجاه من الوجه.

وقد دل الباء السببية على أنهم يعرفونهم بالأمارات الظاهرة، فلا وجه لِمَا قيل: وعرفانُهم ذلك يجوز أن يكون بالإلهام من الله تعالى، أو بتعريف الملائكة (٢).

﴿وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾؛ أي: إذا نظروا إلى أهل الجنة نادَوهم بالتسليم عليهم، وقد دل على هذا تمامُ الكلام فلا حاجة إلى تقديره.

﴿لَمْ يَدْخُلُوهَا﴾ استئنافٌ، أو صفةٌ لـ ﴿أَصْحَابَ﴾ (٣)؛ أي: لم يَدْخلوها بعدُ، وفيه دفعُ (٤) ما يتبادر إلى الفهم من عبارة ﴿أَصْحَابَ الْجَنَّةِ﴾، ودفعُ وهمِ مخالفته لِمَا يأتي من قوله: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾.


(١) كذا في النسخ، وفي "تفسير البيضاوي" (٣/ ١٤): (أو الشهداء).
(٢) رد على الزمخشري والبيضاوي. انظر: "الكشاف" (٢/ ١٠٧)، و "تفسير البيضاوي" (٣/ ١٤).
(٣) في (ف): "للأصحاب". وضعف هذا الوجه من حيث إنه فَصَل فيه بين الموصوف وصفته بجملة قوله: "ونادَوا" وليست جملةَ اعتراض. انظر: "الدر المصون" (٥/ ٣٣٠).
(٤) في (ف): "رفع".