﴿وَكَذَلِكَ﴾؛ أي: ومِثْلَ ذلك الجزاء الفظيعِ ﴿نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ﴾؛ أي: الكافرين الموصوفين بالجُرم الكامل، وإنما وضع ﴿الْمُجْرِمِينَ﴾ موضع الضمير تسجيلاً على المكذِّبين بالإجرام، وإيذاناً بأن الإجرام هو السبب الموجِب للحرمان، الموصلُ إلى العقاب المؤبَّد في النيران، ولذلك كرَّر الجزاء وسجَّل عليهم بالظلم تأكيداً.
﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ﴾: جمع مَهْدٍ، وهو الوِطاء الذي يُفترش، ومنه: مَهْد الصبيِّ، وتمهيدُ الأمور: تسويتُها وإصلاحها، فهو على طريقة قوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [آل عمران: ٢١]، ولهذا - أي: لِمَا (١) في لفظ المهاد من التهكُّم - آثره على لفظ الفراش مع ما فيه من صنعة التجنيس؛ اعتباراً لجانب المعنى، وترجيحاً للمزيَّة المعنويَّة على اللفظيَّة.
﴿وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾: جمع غاشيةٍ، وهي لباسٌ مجلِّل، والتنكيرُ فيها وفي ﴿مِهَادٌ﴾ للتعظيم والتهويل.
ولما كان في المهاد اختصاصٌ لجهة التَّحت، بخلاف الغاشية فإنها خِلْوٌ عن الاختصاص بجهةٍ، وكان المراد التغطيةَ من جهة (٢) الفوق، فلا جَرَمَ احتيج إلى قوله:(مِن فوقهم) دون: مِن تحتهم، وقد ذُكرا في قوله تعالى: ﴿لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ﴾ [الزمر: ١٦] لقيام الحاجة إلى تعيين الجهة