هي تحقيقُ الخبر، ولا يخالف هذا ما تقدم في سورة الأنعام من قولهم: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣]؛ لأن إنكارَهم ذلك عند غيبة آلهتهم على ما بيِّن فيما سبق، واعترافَهم هذا عند حضورهم على ما أَفصح عنه قولُه تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ﴾ [النحل: ٨٦].
﴿قَالَ﴾ أي: يقول الله تعالى لهم على ألسنة الملائكة يوم القيامة: ﴿ادْخُلُوا﴾.
ويجوز أن يكون الأمر (١) للتسخير؛ كما في قوله تعالى: ﴿اهْبِطُوا﴾ [البقرة: ٣٦]، فيكون دخولهم في النار بلا قدرةٍ منهم واختيار (٢)، كما هو الظاهر من قوله تعالى: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ﴾ [الملك: ٨].
﴿فِي أُمَمٍ﴾؛ أي: كائنين في عدادِهم ومصاحِبين (٣) لهم، فإن كلمة (في) تجيء بمعنى (مع).
﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾؛ أي: مضت؛ لأنَّ مَن مضَى بالهلاك فقد انتَفَى عن مكانه فخلا مكانُه عنه، إلا أنه قَلب فنَسب الخلوَّ إليه.
(١) "الأمر": ليست في (م). (٢) في (م) و (ك): "قدرة واختيار منهم". (٣) في (ف): "أو مصاحبين"، والمثبت من (ك) و (م)، وهو الصواب. انظر: "الكشاف" (٢/ ١٠٢)، و"تفسير البيضاوي" (٣/ ١٢).