إِبْلِيسُ ظَنَّهُ﴾ [سبأ: ٢٠]؛ لأن مظنونه بقرينةِ تمام ذلك الكلام - وهو قوله: ﴿فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سبأ: ٢٠]- ما ذكره بقوله: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص: ٨٢، ٨٣]، فإن انطباقه عليه لا بمضمون هذا الكلام.
﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا﴾ الأمرُ بأصل الخروج من زمرة المقرَّبين (١) قد كان، فهو هنا منصرفٌ إلى قيده المذكور بقوله:
﴿مَذْءُومًا﴾ مِن ذَأَمه: إذا ذمَّه، وقُرئ:(مَذُوماً)(٢) كمَسُولٍ في مسؤولٍ، أو مَكُولٍ في مكيلٍ مِن ذامه يَذيمه ذَيْماً (٣).
وقيل: الذَّأم والذَّيم أشد العيب كاللوم.
﴿مَدْحُورًا﴾ الدَّحْر: الدَّفعُ والطَّرد على وجه الهوان والإذلال.
﴿لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ﴾ اللام فيه لتوطئة القسم، وجوابه: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ﴾ وهو سادٌّ مسدَّ جواب الشرط.
وقرئ:(لِمَن) بكسر اللام (٤)؛ أي: لِمَن تَبِعكَ منهم هذا الوعيدُ، وهو قوله:
(١) في (م): "زمرة المؤمنين المتقربين". وفي (ف): "زمرة المتقين". (٢) تنسب للزهري والأعمش. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٤٢). (٣) معنى الكلام أن فيه على هذه القراءة وجهين كما قال الآلوسي، ولفظه: فيه احتمالان: الأول أن يكون مخففا من المهموز بنقل حركة الهمزة إلى الساكن ثم حذفها، والثاني أن يكون من ذام بالألف كباع، وكان قياسه على هذا: مذيم كمبيع، إلا أنه أبدلت الواو من الياء على حد قولهم: مكول، في مكيل، مع أنه من الكيل. انظر: "روح المعاني" (٩/ ٥٥). (٤) رواية عصمة عن عاصم. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٤٢).