﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ﴾ (كم) خبرية منصوبة بفعلٍ مقدَّر يفسره ﴿أَهْلَكْنَاهَا﴾؛ أي: وكثيراً من القرى أهلكناها.
﴿فَجَاءَهَا بَأْسُنَا﴾ فيه استخدام (١) وقلبٌ:
أمَّا الأول: فلأن الضمير في ﴿أَهْلَكْنَاهَا﴾ للقرية باعتبار معناها الحقيقيِّ، والضميرَ في ﴿فَجَاءَهَا﴾ لها باعتبار معناها المجازيِّ وهو أهلُها.
وأمَّا الثاني: فلأن أصل الكلام: وكم من قرية جاءها بأسنا فأهلكناها. ويجوز أن تكون الفاء تفصيلية ويكونَ الكلام على أصله.
﴿بَيَاتًا﴾ في موقع الحال؛ أي: بائتين.
﴿أَوْ هُمْ قَائِلُونَ﴾ في محل النصب عطفاً على ﴿بَيَاتًا﴾، كأنه قال: بائتينَ أو
= بذلك التصدير بما تواتر من القراءات المذكورة. انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٢٧٨)، و"التيسير" (ص: ١٠٨)، و"المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٤٢)، و"تفسير البيضاوي" (٣/ ٥)، وما سيأتي بين معكوفتين منه، و"روح المعاني" (٩/ ١٤). (١) شرحه المؤلف في آخر رسالته المسماة: "رسالةٌ في دَفْعِ ما يَتعلَّقُ بالضَّمائرِ"، حيث قال: اعلَمْ أنَّ الاستخدامَ مَرجعُهُ إلى أنْ يُرادَ باللَّفظِ معنىً ثُم يُرادَ بضميرهِ معنىً آخرُ، سواءٌ كان المعنيانِ حقيقيَّينِ أو مَجازِّينِ، أو أحدُهما حقيقيَّاً والآخرُ مَجازيًّا، وهذا أولى ممَّا قيل: هو أنْ يُرادَ بلفظٍ له معنيانِ أحدُهما، ثم يُرادَ بضميره الآخرُ؛ لأنَّ الظَّاهرُ مِن قوله: (له مَعنيان) كونُهما حقيقيَّينِ، وذلك غيرُ لازمٍ فيه. والرسالة المذكورة مطبوعة ضمن "مجموع رسائل العلامة ابن كمال باشا".