ومن الأدلة المذكورة في الرسالة لنا قوله تعالى:{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاّ غُرُوراً}(١)، وهذه صيغة الأمر، وليس بأمر إيجاب ولا إباحة ولا ندب، بل هو تسليط (من الله لإبليس على الكفار)(٢) كقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً}(٣)، ويدل (٤) على أنه تسليط من الله لإبليس على الكافرين والعصاة قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}(٥) فمعنى قوله: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} أي استخف من استطعت منهم بدعائك، ويقال: بالغناء والمزامير (٦){وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِك} يعني اجمع عليهم بخيل المشركين، ويقال لكل راكب يسير في معصية الله أجلب. وقوله:{وَرَجِلِكَ} يعني كل راجل يمشي في معصية من الجن والإنس، {وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ} كل مال حرام، {وَالأوْلاد} كل ولد غير حل. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "وهم المخنثون وأولاد الزنا"(٧)، {وَعِدْهُمْ} ومنِّهم الغرور أن لا بعث.
فأجاب المخالف القدري: إن هذا ليس بتسليط وإنما هو تهديد، هذا نكتة قوله ومعتمده.
(١) الإسراء آية (٦٤) وفي - ح- كتب الآية إلى قوله: (ورجلك) وقال: (الآية إلى قوله: غرورا). (٢) ما بين القوسين من - ح- وليست في الأصل. (٣) مريم آية (٨٣). (٤) في - ح- (فدل). (٥) الحجر آية (٤٢)، الإسراء آية (٦٥). (٦) روى القول الأول ابن جرير بسنده عن ابن عباس وقتادة، أما القول الثاني فرواه بسنده عن مجاهد. انظر: تفسير ابن جرير ١٥/ ١١٨. (٧) أخرجه عنه ابن جرير بسنده إلا أنه لم يذكر (المخنثون). انظر: تفسير ابن جرير ١٥/ ١٢٠.