قال القدري: لو كان أفعال العباد خلقاً لله (١) لم يأمر العباد بشيء منها ولا نهاهم عن شيء منها.
والجواب: أنا نقول (٢): إنما يأمرهم (٣) بكسب أفعالهم ونهاهم عن كسب أفعالهم، وقد وصف الله سبحانه نفسه بخلق شيء من أفعالهم ونسب ذلك إليهم لكونه كسباً لهم فقال سبحانه:{وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا}(٤) والتقدير الخلق، وقوله تعالى: {هُوَ (٥) الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ} (٦)، فقوله يسيركم، على وزن يصوركم في الأرحام، فلما كان قوله تعالى:{يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ}(٧) المراد به (٨) يخلق تصويركم كان قوله: {يُسَيِّرُكُمْ} أي يخلق تسييركم (٩)، ثم أمرهم باكتساب ما أخبر أنه يخلقه فيهم وهو السير فقال سبحانه:{سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ}(١٠) وقال في آية أخرى: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ}(١١) والمسيّر لهم في البر والبحر للطاعة والمعصية هو الله، وعند القدرية أن المسير لهم في البحر هو أنفسهم برفعهم الشراع للريح، فإذا ساروا في البحر
(١) في - ح - أشار إلى الحاشية وقال: "لما مدحهم لشيء منها ولا ذمهم على شيء منها" وهو ليس في الأصل. (٢) في - ح - أشار إلى الحاشية وقال: "إن الله لم يمدحهم ولا ذمهم على خلقه لها منهم وإنما مدحهم على كسب ما أمرهم به وذمهم على كسب ما نهاهم عنه (وقد) - هكذا استطعت قراءتها نسب إلى نفسه شيئاً من أفعالهم" وهو ليس في الأصل وهو مطابق لما تقدم في الفصل قبله. (٣) في - ح- كما أثبت وهو الأوضح، وفي الأصل بأمر، ولعل صوابها (أمرهم) لتتفق مع نهاهم. (٤) سبأ آية (١٨) وقوله (فيها) في الآية ساقطة من - ح-. (٥) في الأصل (وهو) وفي - ح- بدون الواو وهو الصواب. (٦) يونس آية (٢٢). (٧) آل عمران آية (٦). (٨) في - ح - (المناديه). (٩) في - ح - (المناديه). (١٠) سبأ آية (١٨). (١١) العنكبوت آية (١٩).